عبد الكريم السبعاوي .. ابن البلد المسكون بحب غزة
تاريخ النشر : 2022-09-26 14:57

غزة - " ريال ميديا ":

أُقيم في جمعية الشبان المسيحية بمدينة غزة مساء يوم أمس الأحد 25 أيلول 2022م بمناسبة صدور ديوان: (ورد على الورد) حفل للأديب المبدع عبد الكريم السبعاوي ذا نكهة مميزة، نكهة ابن البلد المسكون بحب غزة، المرتوي من مائها حين كان الماء عذباً فراتاً، إذ يقف شاعرنا على ربوة التذكر والحنين مستشعراً زمن غزة الجميل في القرن العشرين، ويرصد مجموعة من القيم الاجتماعية والثقافية السائدة، النابعة من التراث المجتمعي الغزي الأصيل، يتأمل مشوار الحياة بحلوها ومرها، ويشرح معاناة غزة وأهلها، ويلج الراوي في حركة دائمة، وأفكار متجددة لا تفوته شاردة ولا واردة، في ذلك الجو الحميم، والمناخ الشعبي المحافظ الذي مثّل الحاضنة الحنون لساكنيها، والتي تقوم بتعزيز العادات والتقاليد الحميدة، حيث يشترك فيه كل الناس يمارسون فيها اللقاء والفراق، والأفراح والأتراح، وعند إقبال الحياة وإدبارها، وفي العيش الوفير، والعيش العسير، وكأن حبلاً سرياً فطرياً متصلاً بين ساكنيها جعل من غزة العريقة وأكنافها مساحة عشق لا تبرح الذاكرة، حيث الانتساب للجغرافيا عشق مزروع كجينات اجتماعية تحدد الولاء والانتماء، وهذا ما سكن في ذاكرة شاعرنا ميراثاً رضعه مع الولاء للمكان والسكان، كما ظهر في مكاشفات النفس في ديوانه: "ورد على الورد" في أكثر من موضع في الديوان، وما زال الأمل يراوده وكأنه حقيقة، والحلم يداعب خياله وكأنه واقع، مؤمناً بما يرى مقتنعاً بما يفكر.

فغزة في عينيّ الشاعر عبد الكريم السبعاوي ليست اسماً معلقاً في الذاكرة، وليست كلمة تقال، ولا مجرد تاريخ عابر في هذه الأرض، بل هي الدّرة الساحلية والأيقونة التي يرى من خلالها سر الوجود الأبدي، وخبايا الرغبات الإنسانية وخليط المشاعر والأحاسيس من أحلام وواقع، ويذكرنا الشاعر بأن طريق الخروج من الوطن يحتاج إلى طريق عودة، ويتماهى مع الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي (أبو سَلمى)، فيقول بلسانه الحكيم:

قبّل الترب، لا تقل أنا حالم

هذه "غزة" العلا والمكارم

هذه أرضك الحبيبة يا قلبي

وهذي رسومها والمعالم

وزاد هذا الاحتفال إشراقا الحضور المميز، الذي يعبر عن صدق المحبة ومدى التقدير الذي رسّخه السبعاوي في نفوس الحاضرين، وكذلك ما قدمه الضيوف، من جميل الصحبة وحسن الوفاء، وفي مقدمتهم الدكتور رياض الزعنون، والأستاذ فريح أبو مدين، والأستاذ توفيق أبو شومر، والدكتور فوزي الحاج من كلمات معبرة عن دور السبعاوي وأعماله الأدبية الثرية، فكان كل ذلك جزءاً مما يستحق.

ولهذه الأسباب كلها شكّل ديوانه وأعماله الروائية التي أرّخت لمدينة غزة سياسياً واجتماعياً ملحمة بطولية رائعة سماها البعض بالإلياذة، حيث تفوح عند قراءتها وتتبعها رائحة التاريخ وعبق الحضارات والغزوات التي مرت بغزة، إذ أن كل هذه الأحداث الأسطورية رحلت وبقيت غزة التي كانت تولد في كل مرة كما العنقاء من جديد.

وفي الختام، هنيئاً لأديبنا المبدع عبد الكريم السبعاوي بصدور ديوان: "ورد على الورد"، وبما حققه من نجاح في حياته الأدبية، ليبقى قدوة في ذاكرة الأجيال الفلسطينية الناشئة، كأحد المميزين في فلسطين، وأحد الذين تفخر بهم أجيالها.