عندما يعجز النضال عن الفوز الإنتخابي !
تاريخ النشر : 2022-05-22 01:41

حافظ البرغوثي:

كان النضال المسلح هو الرافعة لحركة فتح في إنطلاقتها وتحولها الى حركة شعبية وطنية ذات إيديولوجية بسيطة وهي الإيمان بالكفاح المسلح والحفاظ على استقلالية القرار الفلسطيني ، ولم يستطع أي نظام ان يحتويها او يضعها في جيبه لهذا لجأت الأنظمة الى إستيلاد فصائل تابعة لها سرعان ما أختفت وإن بقيت رمزيا. الآن لم يعد النضال مقياسا للإلتفاف حول الفصيل بل هناك مؤثرات أخرى منها المال الوفير والتبعية لقوى خارجية داعمة ولعل مسيرة حركة حماس وتحالفاتها المتغيرة من حضن الى آخر خير دليل . أقول هذا الكلام لمناسبة الضجة والجدل حول فوز حماس في انتخابات جامعة بيرزيت وكأن الجامعة تملك مفاتيح القدس ويافا. لكن المفاتيح هي في يد من يناضل على أرض القدس وهم في الأغلب من جماهير فتح شهداء ومعتقلين وجرحى وليسوا من العطاعيط . ومن حول جنين الى قلعة مقاومة هم رجال الفتح الذين قدموا منذ بداية السنة اكثر من 35 شهيدا فلو قدمت حماس ما قدمته فتح في الشهور الاخيرة لكنا اول المصفقين والناخبين لكنها نأت بنفسها عن الصدام واختارت المزلزل من الكلام فقط فكيف تفوز وهي لم تستوفي شروط الفوز نضاليا فهي ملتزمة بالتهدئة الرومانسية والتنسيق الذي لم يسبق له مثيل !. فالمقياس النضالي لم يعد كافيا للفوز الإنتخابي لأن المؤثرات الأخرى مفقودة كالمال والتنظيم المحكم والقيادات المؤثرة والقواعد الملتزمة النقية من الطارئين واصحاب المآرب الضيقة. فالخلل في فتح بنيوي وليس ماليا فقط . بينما حركة حماس تسبح في بحر من المال بعد ان بات الاستيراد عن طريق مصر دون مقاصة للسلطة بينما كانت في السابق تمزق ما تستطيع مصادرته من فواتير مقاصة من التجار والمستوردين حتى لا تسلم الى المالية الرسمية مع العلم ان الفواتير التي لا يطالب بها احد تحولها المالية الاحتلالية الى صندوق الجيش الاسرائيلي .وصارت حماس حاليا تستوفي من التجار الضريبة المضافة لخزينتها وتتحكم في الاسعار وتفرض الضرائب كيفما شاءت وتمارس الحكم دون أداء اي مسؤولية تجاه الرعية فهي في حل من أية التزامات في مجالات الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية والبنية التحتية لأن شعارها مال حماس لحماس فقط ،إضافة الى الحشد المبرمج للطلبة للتوجه لجامعة بيرزيت بالتحديد وتتكفل الحركة بمساعدة الطلبة في الاقساط وغيرها فالعناية بالعنصر من قبل الحركة مثل حماس كفيلة بتوفير الانتماء الحزبي والانضباط الحركي والسلوكي . ان دم عشرات الشهداء وقرابة 400 معتقل شهريا في القدس وغيرها عدا العمليات النوعية في الداخل لم تعد تكفي لرفع حركة فتح . فالعلة في البنية الحركية في فتح أفقيا ورأسيا لأنها ليست على مقاس المرحلة ولا مقاس الحركة ذات التاريخ العريق الذي بات كالغريق.

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"