قرار تاريخي.."الجنائية الدولية" تصدر قراراً يقضي بولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967
تاريخ النشر : 2021-02-05 21:34

نيويورك - " ريال ميديا ":

أصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية قرارا اليوم الجمعة، يقضي بأن المحكمة ومقرها لاهاي لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية ما يمهد الطريق للتحقيق في جرائم حرب فيها.

وأصدرت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية قرارها بشأن طلب المدعية العامة فاتو بنسودا بشأن الولاية القضائية الإقليمية على فلسطين، حيث قررت بالأغلبية أنّ الاختصاص الإقليمي للمحكمة يشمل الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وهي غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، على اعتبار أنّ فلسطين هي طرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وقالت الدائرة التمهيدية الأولى في نص قرارها إنّ المحكمة الجنائية الدولية ليست مختصة دستورياً بالبت في شؤون الدولة بشكل ملزم للمجتمع الدولي.

وأضافت الدائرة أنّ قيامها بالحكم على النطاق الإقليمي لولايتها القضائية لا يعني الفصل في نزاع حدودي ما بموجب القانون الدولي أو أية حدود مستقبلية، بل إن الغرض الوحيد من القرار هو تحديد الاختصاص الإقليمي للمحكمة.

ونظرت الدائرة التمهيدية الأولى في طلب المدعي العام وكذلك المذكرات المقدمة من الدول الأخرى والمنظمات والعلماء الذين شاركوا بصفتهم أصدقاء للمحكمة أو ضحايا.

ورأت الدائرة أنه وفقاً لنظامها الأساسي فإن عبارة "الدولة التي وقع السلوك المعني في أراضيها" الواردة في المادة 12 (2) (أ) من النظام الأساسي تُشير بالضرورة إلى دولة طرف في نظام روما الأساسي.

وقالت الدائرة إنه بغض النظر عن وضع فلسطين بموجب القانون الدولي العام، فإن انضمامها إلى النظام الأساسي تم بصورة صحيحة ونظامية، وأنه ليس للدائرة سلطة الطعن أو مراجعة نتائج إجراءات الانضمام التي أجرتها جمعية الدول الأطراف.

وأكّدت الدائرة أنّ فلسطين وافقت حكماً على إخضاع نفسها لشروط نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وأنّ لها الحق في أن تُعامل مثل أي دولة طرف أخرى في الأمور المتعلقة بتنفيذ النظام الأساسي.

وأردفت الدائرة التمهيدية الأولى أن قرار 67/19 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وغيره من القرارات ذات الصلة قد "أكد من جديد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال على أراضي دولة فلسطين المحتلة منذ العام 1967". وعلى هذا الأساس، وجدت الأغلبية المؤلفة من القاضية رين أديلايد صوفي ألابيني غانسو والقاضي مارك بيرين دي بريشامبو أنّ الاختصاص الإقليمي للمحكمة في الوضع في فلسطين يمتد إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وهي قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.

بالإضافة إلى ذلك، وجدت الدائرة بالأغلبية أن الحجج المتعلقة باتفاقيات أوسلو، وبنودها التي تحد من نطاق الولاية القضائية الفلسطينية، هي أمور ليست ذات صلة بالفصل في مسألة الاختصاص الإقليمي للمحكمة على فلسطين. وقالت إنّ هذه الأمور وغيرها من المسائل الأخرى المتعلقة بالاختصاص يمكن النظر فيها عندما يقدم المدعي العام طلباً لإصدار أمر بالقبض على أشخاص أو استدعائهم للمثول.

في حين ألحق رئيس الجلسة القاضي بيتر كوفاكس رأياً مخالفًا جزئياً، حيث لم يوافق على أنّ عبارة "الدولة التي وقع السلوك المعني على أراضيها" الواردة في المادة 12 (2) (أ) من النظام الأساسي تنطبق على فلسطين، وأنّ الاختصاص الإقليمي للمحكمة في الحالة في فلسطين يمتد بطريقة شبه تلقائية ودون أي قيود إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وهي قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.

وفي أول رد فعل فلسطيني، وصف وزير العدل "محمد الشلالدة"، قرار المحكمة بأنه "تاريخي".

وأضاف: "القرار يعني الشروع فورا في التحقيق بالانتهاكات الجسيمة على الأرض الفلسطينية المحتلة".

ورحب وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني "رياض المالكي"، في بيان، بالقرار، واعتبر أنه يبرهن على استقلالية المحكمة ونزاهتها في ظل حملة التشويه التي أدارتها إسرائيل.

وشدد "المالكي" على أن هذا القرار، الذي وصفه بـ"الانتصار القانوني"، سيتيح للمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فتح التحقيق الجنائي بشكل فوريٍ.

وقال إنه ثمرة لعلاقة التعاون والتكامل التي جمعت بين المؤسسات الرسمية ومنظمات حقوق الإنسان واللجان الوطنية ضمن إطار اللجنة العليا لمتابعة العمل مع المحكمة الجنائية الدولية.

وقال رئيس هيئة الشؤون المدنية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الوزير حسين الشيخ، عبر تويتر إن ‏قرار المحكمة الجنائية الدوليه باعتبار فلسطين دولة عضو بموجب معاهدة روما واختصاص المحكمة بالنظر في المسائل المتعلقة بالاراضي الفلسطينية والشكاوي التي ترفعها السلطة، هو انتصار للحق والعدالة والحرية وللقيم الاخلاقية في العالم .

وبحسب د. حنا عيسى - أستاذ القانون الدولي أن الأراضي الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران سنة 1967 ما زالت حسب القانون الدولي خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، هذا ما أكدت عليه المدعية العامة بنسودا "أن للمحكمة الجنائية الدولية صلاحية على الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تشمل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة".

وأضاف عيسى إن بنسودا قالت في تقرير من (60) صفحة، إنها تطلب باحترام من الدائرة التمهيدية الأولى التأكيد على أن الأراضي التي يجوز للمحكمة ممارسة اختصاصها فيها بموجب المادة 12 "2" (أ) تشمل الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة.

وأشارت مجدداً الى انه بموجب المادة 53(1) من نظام روما الأساسي، فان نطاق اختصاص المحكمة الإقليمي يشمل الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة.

وعلى ضوء ما ذكر أعلاه، أشار عيسى إلى ان الأراضي الواقعة بين الخط والحدود الشرقية السابقة لفلسطين الانتدابية، التي تم احتلالها عام 1967 هي أراضي محتلة تعتبر إسرائيل فيها سلطة الاحتلال. حيث عرفت المادة 42 من لائحة لاهاي لسنة 1907 "الاحتلال الحربي بكونه اجتياز قوات أمنية أجنبية معادية إقليم دولة أخرى والسيطرة عليه سيطرة فعلية من خلال نجاحها في إنشاء وإقامة إدارة عسكرية تمارس من خلالها أعمال إدارة وتسيير شؤون الإقليم المختلفة في ظل احتفاظها بقدرة فرض الأمن والنظام عليه بشكل فعلي ومتواصل. وبموجب هذه المادة فان الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة) تخضع لحالة احتلال حربي، يترتب عليه انطباق اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب. وعلى الرغم أن إعادة انتشار قوات الاحتلال الإسرائيلي في بعض المناطق الفلسطينية المحتلة ضمن مرحلة انتقالية بموجب اتفاقية إعلان المبادئ الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في واشنطن بتاريخ 13/9/1993 من جانب أول، وإعادة انتشار قوات الاحتلال الإسرائيلي أحادي الجانب في قطاع غزة بتاريخ 15/8/2005 من جانب ثان، فإن المناطق الفلسطينية برمتها ما زالت حسب القانون الدولي خاضعة للاحتلال الإسرائيلي.

وبحسب عيسى: ما يؤكد على أن إسرائيل دولة احتلال وان احتلالها ما زال مستمرا للأراضي الفلسطينية هو موقف مجلس الأمن الدولي، وذلك في القرار 242 عام 1967 والذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأضاف: تم تأكيد هذا القرار في القرار 338 لعام 1973 الذي دعا إلى تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 242 القاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما دعا مجلس الأمن في قراره رقم 237 لعام 1967 إسرائيل إلى تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة دون قيد أو استثناءات أو شروط.

ويرى عيسى أنه وبغض النظر عن التصنيفات المختلفة للأراضي الفلسطينية (أ- ب- ج) وما يقترن بها من صلاحيات متفاوتة، فإن المناطق الفلسطينية برمتها ما زالت حسب القانون الدولي خاضعة للاحتلال العسكري الإسرائيلي. وبالتالي فان المحكمة الجنائية الدولية لها الصلاحيات الكاملة بمباشرة التحقيق في الجرائم التي ارتكبها الاشخاص الطبيعيين الاسرائيليين (عسكريين أو مدنيين) بحق الفلسطينيين بعد تاريخ 17/7/2002 وهو تاريخ بدء المحكمة بممارسة صلاحياتها على كل الجرائم المنصوص عليها في المادة (5) من نظام روما،وهي، على النحو التالي: (جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة الجماعية و جرائم العدوان).و لا بد من الاشارة أخيراً بان الجرائم لا تسقط مع مرور الزمن كما هو منصوص عليه، في المادة(29) من نظام روما لسنة 1998.

 

كما رحبت حركة "فتح"، في بيان لها، بقرار المحكمة، وقالت إن "القرار ما كان ليأتي لولا صمود الشعب الفلسطيني البطولي وإصرار قيادته للوصول لهذه اللحظة التاريخية".

وشددت على أنه "الأوان آن لأن يدفع مجرمو الحرب الإسرائيليين ثمن جرائمهم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني، وأن هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم مهما طال الزمن أو قصر".

فيما رد رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، على قرار المحكمة الدولية، قائلًا: "اليوم، أثبتت المحكمة مرة أخرى أنها هيئة سياسية وليست مؤسسة قضائية".

وأضاف "نتياهو"، في تغريدة له عبر صفحته على "تويتر": "تتجاهل المحكمة جرائم الحرب الحقيقية وبدلا من ذلك هي تلاحق دولة إسرائيل، وهي دولة ذات نظام ديمقراطي قوي، تقدس حكم القانون وليست عضوا في المحكمة".

وأشار إلى أن المحكمة في قرارها هذا "نالت من حق الدول الديمقراطية في الدفاع عن نفسها من الإرهاب وهي لعبت في مصلحة جهات تقوض الجهود الرامية إلى توسيع دائرة السلام. سنواصل الدفاع عن مواطنينا وجنودنا بشتى الوسائل من الملاحقة القانونية".

ومن جهة ثانية عبرت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء مسعى المحكمة الجنائية الدولية تأكيد ولايتها القضائية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، ومنها الضفة الغربية و"القدس الشرقية" وغزة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "نيد برايس"، الجمعة، إن الولايات المتحدة لديها "بواعث قلق شديدة" جراء قرار المحكمة، مضيفا: "نحن على دراية بذلك ونراجعه".

وتابع "برايس": "لقد تبنينا دائما موقفا مفاده أن اختصاص المحكمة يجب أن يشمل حصرا البلدان التي تقبله أو (القضايا) التي يحيلها مجلس الأمن الدولي" على المحكمة.

ويجدر بالذكر، أن إسرائيل ليست عضواً بالمحكمة، وسبق لها أن أكدت أنه ليس للمحكمة اختصاص قضائي هناك.