هآرتس: رئيس وزراء سوري أسبق كان عميلا مزدوجا وساهم في تأسيس إسرائيل
تاريخ النشر : 2020-11-12 23:55

وكالات - " ريال ميديا ":

كشفت صحيفة "هآرتس" الاحتلال الإسرائيلي، أن رئيس الوزراء السوري الأسبق "جميل مردم" (1895- 1960)، كان عميلا مزدوجا لصالح المخابرات البريطانية والوكالة اليهودية (الجهاز التنفيذي للحركة الصهيونية)، وفرنسا، وساهم في الترتيب لقيام دولة إسرائيل المزعومة.

وقالت الصحيفة إن تلك المعلومات الاستخبارية حصلت عليها فرنسا، مشيرة إلى أن هذا الأمر حدث في أربعينيات القرن الماضي حيث كان "مردم" رئيسا لوزراء سوريا إبان وقوعها تحت الانتداب الفرنسي.

وأضافت الصحيفة أنه في صيف عام 1945، اكتشفت فرنسا أن "مردم" تم تجنيده من قبل العميد "إيلتيد نيكول كلايتون"، رئيس المخابرات البريطانية في الشرق الأوسط، حيث وافق "مردم" آنذاك على خطة تتوحد بموجبها سوريا مع كل من العراق وشرق الأردن (كانتا تحت الانتداب البريطاني)، تحت اسم "سوريا الكبرى"، بعد طرد فرنسا من الأراضي الخاضعة لانتدابها.

وكان الاتفاق أن يتجسس "مردم" لصالح بريطانيا، مقابل إتمام خطة الوصول إلى "سوريا الكبرى"،  مقابل حصوله على مبالغ كبيرة ووعد بأنه سيحكم "سوريا الكبرى"، لكن فرنسا اكتشفت هذه الأمر وحصلت على وثائق تؤكد عمالة "مردم" وقامت بابتزازه، وطلبت منه معلومات مقابل ألا تنشر تلك الوثائق وتسريبها لخصومه، وبالفعل قدم "مردم" للفرنسيين معلومات قيمة حول نوايا الجيش البريطاني وأجهزة المخابرات في الشرق الأوسط، وجرى إفشال المخطط، مع العلم أن فرنسا لم تكن تعلم آنذاك بأن الرجل يعمل لصالح الوكالة اليهودية أيضا.

ومضت الصحيفة موضحة، أن البحث في الأرشيفات الفرنسية والإسرائيلية، إلى جانب الاطلاع على وثائق الحكومة السورية، كشف أن رئيس الوزراء السوري قد تم تجنيده في تلك الفترة أيضا من قبل عميل استخبارات صهيوني، نقل إليه معلومات تم نقلها بعد ذلك إلى "دافيد بن جوريون" الزعيم الصهيوني الشهير، وكانت حاسمة في التخطيط لقياد دولة إسرائيل المزعومه، التي تم إعلانها أواخر الأربعينيات.

ووفق الصحيفة، فإن "بن جوريون" جند شخصا يدعى "إلياهو ساسون" لتجنيد "مردم"، وكان الأول في ذلك الوقت رئيس القسم العربي للدائرة السياسية في الوكالة اليهودية، وكان قد عينه رئيس الوكالة "بن جوريون" في فبراير/شباط 1945 لتنسيق التعاون مع المخابرات الفرنسية.

وكان "ساسون" السوري المولد يعرف "مردم" والتقى به عام 1937، عندما كان الأخير قد شغل منصب رئيس الوزراء لفترة سابقة.

وتشير الوثائق إلى أنه في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 1945، "التقى "ساسون" "مردم" في القاهرة، وفعل ذلك مرة أخرى بعد ستة أيام، عندما زار مردم القدس على رأس وفد جامعة الدول العربية لترتيب التمثيل الفلسطيني في الجامعة، وبعد هذه اللقاءات، التقى بن جوريون مع ساسون".

وبالإضافة إلى ذلك، فإن معلومات تم الكشف عنها للمرة الأولى في مذكرات "موريس فيشر"، وهو ضابط مخابرات سابق في المقر العسكري للقوات الفرنسية الحرة في بيروت، والذي خدم سابقًا في ميليشيا "الهاجاناة" قبل قيام الدولة وأصبح فيما بعد أول سفير لإسرائيل في فرنسا، كانت بمثابة دليل إضافي على أن "مردم" كان مصدرًا مهمًا للمعلومات لدى "بن جوريون".

وكتب "فيشر" أن "مردم" كشفت عن الخطة الأنجلو-عراقية السرية لتأسيس ما يسمى بسوريا الكبرى لعملاء صهاينة في القاهرة.

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإنه في يوليو/تموز 1945 ، استعد "بن جوريون" أول رئيس وزراء لإسرائيل، بفضل معلومات "نردم"، لهجوم محتمل من قبل الدول العربية إذا أعلنت الدولة اليهودية استقلالها.

لكن المعلومات الأهم الواردة من "مردم"، كانت بإخباره "بن جوريون" أن التهديد المباشر لقيام الدولة اليهودية لا يكمن في هجوم من قبل الجيوش العربية، ولكن في خطة القادة العسكريين البريطانيين ووكالات المخابرات في الشرق الأوسط، لإحباط هذا تطور إعلان دولة إسرائيل بوسائل أخرى مختلفة.

ووفق الصحيفة، كانت بريطانيا تخطط آنذاك لإعلان ميليشيا "الهاجاناة" منظمة إرهابية ونزع سلاحها، وتنفيذ خطة سوريا الكبرى، التي بموجبها سيتم إنشاء كيان يهودي محدود في فلسطين، ولكن ليس دولة مستقلة.

وأكدت التحركات اللاحقة من قبل الجيش البريطاني والأجهزة السرية معلومات "مردم"، بحسب الصحيفة، ففي 1946، اعتقلت وحدات من الجيش البريطاني قادة الوكالة اليهودية، ولا سيما رئيس السياسة الخارجية "موشيه شاريت"، وصادرت ملفات في مقر الوكالة في القدس، وداهمت عددًا كبيرًا من الكيبوتسات بحثًا عن أسلحة ممنوعة.

وفشلت العملية البريطانية إلى حد كبير، حيث تسربت التفاصيل المتعلقة بها إلى قيادة "الهاجاناه" قبل شهرين، ونجا "بن جوريون" من الاعتقال، حيث كان في باريس في ذلك الوقت.

وبفضل معلومات "مردم" استعد "بن جوريون" جيدا للحرب المحتملة، وأفشل مخطط بريطانيا بخصوص إعلان الدولة، وبالتالي يكون الرجل صاحب الفضل الأول في قيام دولة إسرائيل المزعومة.

وفي أعقاب هزيمة الدول العربية في حرب عام 1948، اجتاحت رياح الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الأنظمة القديمة في سوريا ومصر والعراق، وكان "جميل مردم" أحد ضحايا الاضطرابات، وتنحى، وأمضى سنواته الأخيرة في القاهرة، حيث توفي عام 1960.