التنين
تاريخ النشر : 2020-10-08 13:59

أكرم أبو سمرا :

التنين 

يختفي مرغما في بئر الدار

ثم يظهر فوق عربات الزمن والأقدار

قائدا للصغار والكبار

لماذا يأكل الصينيون الحشرات والخفافيش والزاحف والفئران ...؟

وصلنا من تاريخ الصين أنهم كانوا يضعون قدم الطفلة في حذاء حديدي وذلك لاعتقاد لدى بعضهم أن القدم الصغيرة من عناصر الجمال لدى المرأة .. وقد تخلى الصينيون عن هذه العادة التي تترك ألما وتشويها دائمين .. هذا ما فعله الصينيون ببناتهم .. لكن ما فعله الغرب الاستعماري كان أشد وأقسى .. وظل الغرب على قيد مشروعه حيال الصين ..مستمرا في استهدافها منذ عهد آخر الأباطرة إلى مرحلة تشانغ كاي تشيك حتى عهد ماو تسي تونغ مرورا بدنغ هسياو بنغ إلى الرئيس الحالي شي جيان بنغ والذي يشبهونه بماو في القوة والادارة .. ويمكن أضيف على قائمة التشابه أن كل واحد منهما تزوج من فنانة : الأول من راقصة والثاني من مغنية

أما الفارق بينهما في هذا الأمر .. فيكمن في أن الأول كانت له زوجة تشاركه بل تزاحمه نصف الحكم – يساعدها منعرف لاحقا بعصابة الأربعة - .. إن لم نقل الحكم كله كونها كانت الفلتر لكل المعلومات التي يجب أن توضع على طاولة مكتب ماو ..ولا نبالغ لو قلنا بأنها كانت أذنيه وعينيه ويديه اللتين كان يبطش بهما .. وظهر من قسوتها وسلوكها المفرط العنف وكأنما كانت تمهد الطريق لزعامتها في ظل رجل أصبح عجوزا ولا يملك غير الرمزية التي قامت جينغ وعصابتها بإدارتها وتوجيهها طوال ما عرف باسم ( العشرية السوداء ) .. أو لنقل العشرية الجينغاء .. والتي كانت على وشك تنفيذ حكم الاعدام بدنغ هسياو بنغ لولا نظرة رحمة قبل تنفيذ الحكم بسبب المحطات الثورية العظيمة في تاريخ الرجل .

يروى عن دنغ هسياو بنغ قوله : (كنت أفضل الظهور عاريا كما ولدتني أمي في ساحة تيان آن مين على أن أذهب لمقابلة هذه الحية الرقطاء ). في إشارة إلى جينغ زوجة ماو .. وهذا يوضح لكم أي رعب كانت تشكله زوجة ماو على رجل مثل دنغ .. وهومن هو .. في محارته آخر الأباطرة والاقطاع وقوى الاستعمار وتشانغ كاي تشيك والحرب الأهلية الصينية .. فما بالكم بغيره من الرفاق !

ونحن هنا حين نتهم هنا زوجة ماو فإننا لا نعفي ماو نفسه من المسؤولية كونه حين اتخذ قرار الثورة الثقافية عام 1966 وقرار تحويل الصين من بلد زراعي إلى بلد صناعي وما رافق ذلك من تجريب معيب .. لم يكن قد كبر و شاخ وصار معتمدا على جينغ وعصابتها في معرفة ما يجري جوله

.. أما شي جين بينغ فظل سنوات طوال يحاول تنظيف سيرة والده قبل تنظيف سيرته الشخصية مع ما رافق ذلك من اهانة وترهيب وتخف الخ .. لكن المغاير و المضيء في الأمر أن زوجته المغنية – سابقا – لا تتدخل في الحكم .. مع أن زوجها حصل من الحزب على صلاحيات مطلقة وغير مسبوقة وحكم مدى الحياة

وكما ترون فلم يكن دنغ هسياو بنغ خروتشوف الصين – كما خشي ماو من صعود موجة النقد الذاتي على يد خروتشوف - .. ولا صار شي جين غورباتشوفها .. وعليه فإن امكانية ظهور يلتسين صيني مستحيلة في ظل حزب شيوعي صارم وحاسم ومتماسك ..ناهيكم عن أن سقوط الاتحاد السوفياتي أدى إلى تحصين الصين باستيعاب ما جرى عند الجارة .. وهوما دفع بأي قيادة صينية إلى الايمان بأن وحدة الحزب وقوته تشكلان صمام أمان الأمام الصيني

يا سادة : عانى الصينيون من صور نمطية ألحقها ووصمها به الأوروبيون والأمريكيون .. مثل النمل .. أصحاب العيون الضيقة .. ذوي الأقدام الضيقة .. قصار القامة – مع أن قامة ماو بلغت 180 سم ..وكذلك قامة شي جينغ - شعب البشرة الصفراء ... الأغبياء , ألميقل الجنرال دوغلاس ماك آرثر عن خيال الصينيين بأنه ( لا يتعدى خيال ذبابة ) أكلة الحشرات والزواحف والخفافيش والفئران الخ وهذه الأخيرة هي مربط فرس هذا المقال .. فلم يسأل أحد من مواطني الغرب عن سبب قيام الصينيين بأكل الحشرات والزواحف والخفافيش والكلاب والقطط الخ .. !

يا قوم :صحيح أن سياسة ماو وعصابة الأربعة من ثورة ثقافية دموية وتحويل قسري للفلاحين إلى عمال في مصانع الفولاذ أدى إلى مقتل 20 مليونا حسب الرواية الرسمية و 40 مليونا حسب روايات غير رسمية .. في أعقاب مجاعة رهيبة أكل الناس خلالها كل ما هو زاحف وطائر .. وليس هذا فقط بل أجهز الناس على أوراق الشجر والأعشاب الخ ولكن من يتحمل المسؤولية الأولى هو الغرب نفسه عبر التدخلات العسكرية الاستعمارية من قبل فرنسا وبريطانيا – حرب الأفيون - وأمريكا ومن قبلهم الأباطرة والإقطاع والاحتلال الياباني .. كل هذا .. هوما يقف وراء ما جرى للمواطن الصيني .. وهو السبب الحقيقي إزاء سلسلة من المجاعات المرعبة

طيب : ومن خلال سيرورة المجاعات .. وقعت صيرورة في عادات الصينيين الغذائية .. أبقت على ذلك السلوك رغم تغير الأحوال إلى الأفضل .. كونه تحول مع الزمن الطويل من سلوك قسري طلبا للبقاء .. إلى عادة وتقليد ونظام غذائي و جزء من الجينات والهوية .. ولو وضعنا أي شعب مكان الشعب الصيني لما تردد في أكل الهواء والتراب

يا جماعة : وماذا عن ابن قحطان في هذا القحط أو ابن عدنان كثير العدد والأعداء .. ؟ حرص على قتل زرقاء اليمامة ..وكل زرقاء يمامة من بعدها .. ضحوا بكل عنقاء كانت وستكون.. أما في الصين فقد أكلوا كل شيء .. وضحوا بأي شيء .. لكنهم حرصوا – في الوقت نفسه - أن يظل التنين سليما وفي مأمن ..حتى إذا ما انطلق ونهض كان على من أراد أن يلعب معه أو يتلاعب معه أن يتحمل نيرانه

أليس التنين هو القائل في محكم أمثاله : لا تعطني سمكة ..ولكن أعطني شبكة وعلمني كيف أصطاد

هكذا نهض الصيني .. لم يلهه التكاثر .. هكذا قام من المقابر ومر مرحلة الانسان الثائر في زمن الأباطرة والاستعمار الفاجر إلى مرحلة الانسان الطائر والقادر .. حيث حصلت المعجزة في ثلاثين عاما .. من بلد متخلف إلى قائمة الكبار في الصناعة والتكنولوجيا والاقتصاد والتعليم ... حسب شهادة عراقي عاش هناك ما يقارب الأربعين عاما .

هكذا وقعت المعجزة .. من مرحلة التأسيس :ماو .. إلى مرحلة البناء : دنغ .. إلى مرحلة الرخاء والثراء :شي جين