قهوة عم حلمي
تاريخ النشر : 2020-08-27 00:45

فخرى أبوشليب :

مشينا فى الشارع المواجه لمحطة الترام حتى نهايته عند الكورنيش ، ثم انحرفنا يمينا لعدة خطوات لنجدها بين فندق ثلاثى النجوم يكاد يخلو من النزلاء ، ومحل للحلويات الشرقية المعروضة وراء واجهة زجاجية فى أناقة وجمال يثيران الشهية ويبعثان على التفاؤل .

— بعد أن اقترح ووافقت أخذنى جلال شاكر إلى هناك . قال إنها شهدت أياماً سعيدة من طفولته ومنذ تلك الأيام وهو يزورها كلما سنحت له الفرصة بزيارة المدينة .

— كان الوقت بين أصيل وغروب منتصف سبتمبر ، وقد بقيت أيام قليلة قبل أن تودع المدينة الصيف .

— القهوة صغيرة ونظيفة ، واجهتها بدون لافتة وجدرانها بلون أبيض لا شية فيه ، والكراسى والطاولات بنية الطلاء ، وعم حلمى يأتى إليها فى الصباح ويعود إلى بيته عند الظهر تاركاً الأمر لولده يقوم وحده بصنع الشاى والقهوة وتقديمها للزبائن .

— قال جلال إنها تكاد تكون على حالها منذ طفولته ، فيما عدا الطلاء الأبيض الجديد ، وإنها ليست كبقية القهاوى فهى تذكره بوالديه وتشعره بالارتياح كلما ازداد اشتياقاً اليهما ، وإنه كان هناك محلاً يبيع الفطائر مكان محل الحلوى الشرقية وكان يحب فطائره بالجبن أو بالسكر .

كما قال إن أبواه كانا يأتيان للمصيف فى سبتمبر ، فالمدينة تكون هادئة والبنسيونات تكون معتدلة الأسعار واعتادت الأسرة أن تقيم فى بنسيون ريفييرا القريب من القهوة فقد كانت الفنادق قليلة ولايرتادها سوى الأثرياء . وكانت الأسرة تقضى أمسياتها جالسين إلى إحدى الطاولات على الرصيف المتاخم للقهوة . وكان عم حلمى يعرف زبائنه الدائمين من المصطافين .

— احتسى جلال فنجانين من القهوة وعلى وجهه إبتسامة رضا وعيناه تنطقان بالارتياح ، واستمر فى حكاياته عن أيام طفولته وأصغيت إليه باهتمام يشوبه شئ من تكلف ، فمن الصعب أن أشاركه الإحساس بذكريات لم أكن فيها لكن ابتسامته انعكست على وجهى وشاركته شعوراً بالطمأنينة .

فكرت فى ما حكاه وأدركت أن هناك أشياء كثيرة وبسيطة يمكنها أن تدخل البهجة فى نفوسنا والسعادة فى قلوبنا . أشياء مثل الجلوس عند قهوة عم حلمى .