الصفحة الأولى
تاريخ النشر : 2020-07-24 21:19

كنانة ونوس*:

(ويختزن العناق كل طاقتي.. يغريني.. أتقدم.. أرمي الثقل كله.. كله بلا غش أو تزوير أو نقص أو تشويه.. بكائي، ضحكتي، حرارتي،هدوئي، ضعفي، وضعف آخر يشبه القوة.. كلها.. مكومة مكورة منمقة معطرة.. أرميها على تلك الكتفين لتتفرد على امتداد الرقبة.. وينتعش .. العطر).. خططت ذلك على أول صفحة من رواية استعرتها منذ أسبوع وأعيدها الآن. أقف أمام عملقة دواوين الشعر ودراساته .. دائما يغريني الغلاف الأحمر فلظى المشاعر يتمدد ليضيء الغلاف ويناديني.. ألتقط واحدا وأمضي به.. أتوقف عندما أرى الرواية التي أعدتها بين يدي أحدهم.. لم أتوقع أن ماكتبته كرأي بسيط سيثير انتباه أحدهم وبهذه السرعة ويشده للقراءة.. الخجل والإحراج سارعا في تقدمي إليه و إغلاق الرواية بين يديه:(- ماذا تفعلين؟)..أحاول تمزيق الصفحة الأولى ولكنه يمنعني:(- ماذا تغعلين توقفي إنها روايتي) الصدمة أوقفتني .. يتابع بهدوء:(- أنا كاتب هذه الرواية.. وهذا الرف كله يضم رواياتي.. أنا الكاتب.. أنا الكاتب) وبهدوء يخلص الرواية من بين يدي ويسألني:(- لماذا أردت تمزيقها؟ ماهذه الجرأة!!؟).. أضحك ثم أنحني اعتذارا:(- أعتذر .. أردت فقط أن أتخلص من التعليق.. للأسف.. أنا من كتبه)..يبتسم ثم يقول:(- افتحي يديك).. أفتحهما.. يجمع كل الرف.. كل رواياته، ويضعها في يدي، ويقول والجنون مسح القليل من هدوئه:(- سأعيد طباعتها جميعا.. ساعديني بقلمك وصممي لي الصفحة الأولى.. حظا موفقا)..

* سوريا ":