مرام عطية:
تتضوَّعُ العطورُ من أردانكَ ويسبحُ الألقُ في رسمكَ كأنَّكَ الربيعُ يتدلَّى نضرةً وبهاءً ،أشجارُكَ الوارفةُ تأبى إلاَّ أن تظلِّلني، ترطبُ جفافَ أيامي ،همسكَ الرفيفُ نسائمُ عليلةٌ ، تخاطبني بلغةِ السَّحابِ والزَّهرِ
حمائمُ صدركَ الوديعةُ يحزنها أن تراني ظبيةً كسيرةً في صحراء قاحلةٍ ، ظبيةٌ ترنو إليكَ بحياءٍ وأسىً تعجزُ عن رفعِ آياتِ العرفانِ ، تجاهدُ في الارتقاءِ لمدارجكَ النقيةِ بأبجديةٍ خريفيةٍ شاحبةٍ يذوي حبقها العطشُ ،و يرتجفُ البنفسجُ من صقيعها
رعتكَ السماء يانبضَ النقاءِ ، من وراء البحارِ رأيتُ الشمسَ تستيقظُ على أناشيدِ نحلتكَ ، و نظرتُ الحمائمَ تحطُّ في قواريركَ كلَّ مساء ، كما كان الياسمينُ الجميلُ يهنأ في خافقيكَ
تمرُّ خيولكَ بأرضي سحائبَ تحرثُ شتائي القاتمَ ،و تزرعُ السنابلَ ، فيهربُ الزؤوانِ ،ويهدلُ الثمرُ ، أصيرُ أنا كتاباً للنورِ ،وتحتفلُ الربا والسهولُ بهداياكَ السنيةِ .
عرباتكَ ملأى بالحبورِ ، إلى دارتكَ المجيدةِ تنزلُ أمِّي كلَّ يومٍ من السماءِ مع ملائكةِ الرضى لتمسحَ جبينكَ بالزيتِ المقدسِ وتقرأَ عليكَ لوحَ الوصايا .
أخي الحبيبَ ، نجومكَ اللازوردية مدهشةُ الضياءِ؛ تطوي محيطاتِ النأي ،تهدمُ جدرَ الإهمالِ الإسمنتيةِ ؛ لتبددَ ظلمةَ دروبي ، تحتضني كأمٍّ حنونٍ ، فأحسبُ أنَّني مازلتُ طفلةً في حضن أمِّي
كم أشتاقُ للقياكَ أيُّها الشطرُ الحبيبُ الذي هاجرَ منُّي إلى بلادٍ بعيدةٍ مذ قسمتني الحربُ نصفين، وصارَ نهراً للخير والحقِ والجمالِ !!