واحد .....وحيد
تاريخ النشر : 2020-04-06 23:50

نهاد خودة:

1
لما كنت إمرأة
كنت ٱقبلُ كل رجل غريب مار من الرصيف
كي أرشوه أن يشتري الفرح من سلتي
و يهديه إلي

لما كنت إمرأة
كنت أقدم خطواتي للمتشردين لكي يهربوا من المدينة
و أبقى في منزل أحبس نفسي
حتى ينتهي حظر التجول

أعتقد أني كنت أكذب كثيرا /كأي إمرأة
و أبالغ في شجب الوقت على حبل الغسيل
لكي لا يرشح ثقله على وجهي

لما كنت إمرأة
كنت أبكي على الأطفال المحجوزين خلف معبر رفح
من خلال جهاز التلفاز
و بعد نشرة الأخبار
أضع سماعات الصاخبة و أرقص
لم أشتبه في انفصام
إلا لما رأيت الشوق ينزل جزيلا من مخيمه في قلبي
و ينوح على مساحيق التجميل منتهية الصلاحية
أكثر مما ناح على كل الناسيين
العابرين

لما كنت امرأة
كنت أكترث بصبغة شعر جديدة و أظافر غير مستوية
أكثر من إكثراثي بالمجاعة في إفريقيا
و كنت أتلاشى في المعنى الحرفي للكلمة في :
ألم الدورة ،و هاتف صامت ،و الصباحات التي لا أجد فيها حليبا ولا سكرا
أو أني لا اجد معطفا جديدا في دولاب
بدل المهترئ و العتيق

و الوحيد .........

-2
هذا الصباح أحبطتني ربع قرن تجاوزتها /تجاوزتني دون حليب مسترجل
فقررت أن أصير رجلا

لما أصبحت رجلا أدركت أن كل مسألة
هي مسألة زوايا
أضحك و أنتظر و أشتم و أتبول عموديا
و أحزن جالسا في ركن قصي
و أضاجع البغايا أفقيا
في عالم مقلوب على رأسه

كخط مستقيم ب180 درجة كنت أنتظر طاولة الموت المستقيمة
لأعود لنقطتي الأولى
نقطة الصفر و الإنطلاق
كنت ألهو نفسي بمبارايات محلية و دولية
و أفلام العنف و السيارات الفارهة
لأتناسى أني أعاني من ضعف في الإنتصاب
لم ينتصب جذعي منذ أن صرت بطالا
أنام طيلة النهار
و أزحف على ضروسي
لأنهش بعض التفائل المخبئ تحت البلاط

لما أصبحت رجلا
صارت الصباحات التي لا أجد فيها ما آكل
مدعاة للسخرية و الضحك
و كل حزن العالم يصيبني حينما أملئ كوبا ساخنا
من حليبٍ - لم أفرغه - من ثدي إمرأة
بعد أن أفتح حنفية حلماتها

لما أصبحت رجل ،
صار التخطيط لإقتناء حذاء جديد
هي كل البطولة التي أحصل عليها

في جيوبي لم أملك يوما أكثر من الفي دينار و مفتاح لشقة فارغة
أصطحب كل مرة إمرأة جديدة إليها
لأنسى في كنههن كلام المقاهي ،و السياسة

كنت أستغل تستستيرون الذي يغلي في دمي
في قتل كل الذين يصادفوني
في خيالي و أنا أنتظر طابورا طويلا لأحصل على رغيف
واحد ......... ....