قُلْ ما شئت .. تُمتَحنُ
تاريخ النشر : 2020-03-26 21:51

ميرڤت أبوحمزة*:

غريبٌ

وأُخِيطُ في قمصان غربتي
أزرارَ موطئي ..
أرضٌ هجينةُ الوحلِ
وغراسٌ تنمو بالاتجاهِ المعاكس
على ضفةِ نهرٍ يخطفُ خلفاً
حين يعاند الماءُ عودتَهُ للأعلى
وسماءٌ تغصُّ بحسرةِ التائهين

قلتُ:
تعال نهادنُ المسافةَ في عودتنا
دربُكَ الـ يعاندُ أقدامَ الريحِ
طراوةً فوق الوعرِ
حين أصبحَ العظمُ حراماً على الأجسادِ..
حين تقوَّسَ وتلوى خارجاً..

هي محنةُ أهلِ الأرضِ حين تنتقم السماءُ..
وأيُّ عفوٍ سوف ينجينا من التهلكة..
من الموتِ المتربصِ في الأنفاسِ..
يعبرُ بمَنْ عبروا
ويخلقُ له من الموتِ نداوةَ حياةٍ..
فبأيِّ معجزاتِ اللهِ تُحَدِّثُ !

ككلِّ من تركوا خلاياهم
تحت رحمةِ الاحتمالاتِ
هازئينَ بدقِّ اللحمِ الغَضِّ
تحت أجرانِ لوثة الحاضر
لننعمَ أكثرَ بالهباء..
والضحايا حين يناموا مثل أضواءِ مدينةٍ منكوبةٍ
أو في محرقةٍ
هو ربُّ الخلقِ حين يعجِزُنا
ببصمةِ أنملةٍ..

يعلّلُ دمعةَ الرجاءِ بصلاةٍ لا تبورُ ...
ونحنُ الصلاةُ ..
لنا عندَ الله أدعيةٌ ومواثيقُ نقَضْناها بغفلتنا ..
ولنا منه رحمةٌ وُسْعَ السماواتِ
وما خلفها ..
ولنا النواحُ حين أخرسْنا أبواقَ من علموا ..
ونحن البلاءُ ونحن الصبرُ حين نُمتَحَنُ ..
ونحن الكلماتُ حين تكشفُ عن عُريِها
أمامَ قواميسِ اللغاتِ

لي منكَ أن تصغي إليَّ الآن
ولك أن أذبحَ المعنى على عتبةِ النص
قرباناً حين تفهمُني ..
ولكَ قطيعٌ آيِلٌ للموتِ .. حين ألتبس
فأنا الغريبةُ غرابةَ اغترابِ أيِّ غريبٍ ..
وأرتقبُّ بحدسِ الأمِّ
أقيسُ حرارةَ الجملِ الطرية
وأركنها جانباً في الحجر
وأعرف أنَّ دربَ الربيعِ قريبٌ..قريبٌ
وأعرفُ أن الصيفَ ربٌّ لا ينام
وأنتظر..

أملأُ رئتيَّ بالوصايا
وبكفيّ أرسمُ جسرَ نجاتي
تقول : ما شأني ؟!
وأنتَ الواقفُ مثلي
على حافةِ التأويلِ
طيرانِ جناحاهُما للعاصفة.

*من ديوان * كنتُ أرى *: