لا أحبك
تاريخ النشر : 2020-01-21 23:11

ميرفت أبو حمزة:

أبتعدُ...
يثمرُ بحرٌ في عينيّ
فأقطفُ ملحي...
للأعلى بل أكثرَ مِنْ أكثرَ...
وما بينهما..

كل قطرةِ مطرٍ من هذا العام ..
هي دمعةٌ مني ..
كل ريحٍ تهبُ من الجنوبِ ..
هي أنفاسي البعيدةُ
حين لا أؤوبُ إليك..

دعني أكونُ أرضَكَ في التيهِ ..راقصْني
خذ دمعَ الماءِ ،وانبتْ فيّ جزر من هذيان ..
رئةً ثالثةً من نعناعٍ

وأحبُّكَ بعد العمر..
كحبِّ اللهِ ، لروحِ الصَفوة..
وستعبُرُ فيَّ بعد الموتِ.. وترجعني..
كما يعبرُ البرقُ في روحِ السماء..

كلُّ ما تفكرُ فيه الآنَ يأخذكَ إليّ..
نحو المسافاتِ الوشيكة
والفراقِ المستفزِّ..

آخذكَ منكَ وتسكنُ فيّ
لا تعرفُ نفسكَ..
لكنكَ تعرفُني..
نتبادل أنخابَ الفقدِ معاً..
بنبيذِ الشِعر ..
نمشي..
نهذي..
نصرخ..
نسقط..

تشربُنا الأرضُ فنتبخرُ..
ونضيعُ معاً في رحمِ الغيم
في العمقِ العمقِ..
من رحمِ الغيم
فننسربُ...نـ
نـ
سـ
ـر
ـب
معاً عرات من خطوبِ الأمس

أنا ما تركتُكَ إلا..
كي أعرفَ كيف يكونُ الموت روى..

أسلخًكَ مني ..
ألبسُ ثوبَ النسيان .. فيشلحُني..يـ
شـ
لـ
حـ
نـ
ـي
لأحبكَ أكثر..
بل أكثر من أكثرِ


غيابُكَ عني معنى الموتِ..
الموتُ...غيابُك..عني
كنثارٍ تسقطُ من روحي
شذرةً... شـ
ـذ
ـر
ةً

موتٌ يشبه رعشة صمتي
حين يغمرُني اليقينُ ..

خروجُكَ مني يقطعُ فيّ الجسرَ ..
فوق عراءِ الماء ..
فأغرقُ أكثرَ ..
بل أكثرَ من أكثر

كلما اقتطعتُكَ مني
تتبرعمُ أَنْضرَ .. تتكاثفُ أكثر..بل أكثر...
تعلو.. تعلو..
فيصيرُ عبوري نحوك
للأعلى...

أعلو فأرى ما قلتَهُ ليّ عن أمسِكَ..
عن سربِ حمامٍ يسكن فيكَ .. وفيّ
عن عرشِ الربِّ هناك ..

عن جسدِ مسافةٍ مبتورة
ما بين الأبدِ وبين الأزل
كي لا تنضوَ الرحلةَ عقدةُ الطريق..
فتقتربُ وتصيرُ غصناً مني..
وغصناً من الشجرةِ الأولى..

يا طعمَ التفاحِ الأول..
يا آدمَ الأولَ وآدمَ الأخيرَ وما بينهما..

يا قرميدَ شتائي
ونسغَ الروح..
يا شمعَ المعبدِ الأول
وماءَ العمادة الأولى..
يا غربتي وغرابتي وغروبي..
يا النارُ الأولى .. و آخر نار ..

تأتي لتحرقَني ،فنحترقُ..
وأصيرُ في موقدك روحَ الجمر..
جمرٌ يتوهجُ حبّاً يطهو صغارَ اللهفة..

فأصيرُ دخاناً .. أدخلُ صدرَكَ
أخرجُ من صدري..
أستوطنُ في رأسك..
أدخلُ صدرَكَ ..صدري .. أخرج.. تخرجُ .. تبتعدُ أبتعدُ .. وأعودُ إليك..

وجهي كخيالِ ظلالٍ ..
وجهًكَ مرآتي كي أعرفُني ..
وجهكَ نافذةٌ نحو المطلق ..
وجهك كل العناوين
حين أسافرُ وحدي..
وجهك الرّيفُ ..
حين أكره زحمةَ المدينة..
وجهك الضوءُ في وهج ضيائي

وحكايا اليوم.
وحكايا اللحظة..
وحكايا الأمس..

من يعيدُني الآن منكَ..؟
كيف أُرجِعُ عبراتي من صدركَ
كيف أعودُ ؟
دخان ..
جمر ..
حطب ..
غصن ..
شجرة ..
جذر ..
أرض ..
أنفاس ..
دمع ...
مطر ..
مطر..
زمِّلني زمِّلني .. من هذا البرد..
باركني خُذنِي في خَلْوَتِكَ الأولى..

أنثى تختمُ بأنوثتها كلَّ الأنبياء
في شِعرِ نبيكَ أنزلني ..
كي أؤمنَ أكثرَ بالحب..
أكثرَ بل أكثرَ من أكثرَ

أنا لا أحبُّكَ حين أحبك...بل أحبُّ فيكَ نفسي..