"طاقية الوهم".. مجموعة قصصية لعبد جعفر
تاريخ النشر : 2019-10-04 00:17

وكالات - " ريال ميديا ":

تكتسب المجموعة القصصية لعبد جعفر "طاقية الوهْم"، تسميتها من ربط جميع خيوط عنوانها بقصصها، خفية كانت أم واضحة، بسيطة أم مركبة، إنها عنوان تجربة كتابية تشي عنها تنوعاتها السردية ومستوياتها اللغوية المتداخلة مع تداعيات الشخصيات ومشهدية الأمكنة بدلالاتها المتباينة، وتداخل الزمان الوقائعي مع التخييلي.

ويحاكي جعفر في بناء قصصي أسئلة لبناء يحاول أن يكون خاصاً به، غير آبهٍ بتكسير أي تجارب سائدة أم آفلة، همّه الموضوعي، دفاتر أوجاع الغربة والاغتراب ونسغ ذاكرة المكان بين الماضي والحاضر والوهْم والحقيقة، حسب صحيفة الشرق الأوسط.

ويبدأ الكاتب مجموعته بقصة "الغريق" التي لا يأبه فيها بأي شكل من أشكال البناء القصصي، فتبدو أنها مجرد هذيانات من وعن الغربة والاغتراب وأقرب إلى النص منها إلى القصة... يطغى التنوع في السرد، واستخدام الضمائر "أنا، أنت، هو.."، ويختلط الزمن الوقائعي بالتخييلي مع حضور متداخل لذاكرة الأمكنة، لكنّ القارئ يلتقط من بين السطور حكاية متكاملة، حكاية مغترب يحاول العودة لذاكرة المكان لوطنه وبين التداعيات والذكريات وجغرافيا الأمكنة.

وفي "قهقهات وكركرات" سؤال لماذا ومتى وكيف تتجلى، تتشكل تتكاثر، الظاهرة؟ تجيب عنه إيقاعات انتظار" نبض لحظات زمنية عابرة تشد القارئ، ومشهدية وحلم وواقع تموج به في تركيب بنائي ظريف، وخاتمة تقود العنوان وعنوان يعود للخاتمة.

وفي قصة "مشاكسة في مدينة ماكرة" يتخيّل الكاتب- القارئ شخصية من القطب الشمالي ترتدي الملابس الشتوية الثقيلة تتهكم على طقوس الصيف الحار في مدينة لندن، ويتجلى ذلك بوضوح في سلوكيات (الحامد) وحواراته المباشرة والواقعية عن شعوره بالبرد مع نماذج يختارها الكاتب بعناية وتتحرك في أمكنة محددة ضمن مشهدية تمنح للسرد تشويقاً إضافياً.

وتسرد "نواقير طبول" في جوقة لمعشر متعددي جنسيات من المغتربين في المنافي.

وقد يصل التهكم عند عبد جعفر على القتل والموت والدين السلفي، وذلك بتبادل مثير ولافت بين الفانتازيا والحقيقة كما في قصة "صورة داعش".

وفي هذه القصة لجأ عبد جعفر إلى الفانتازيا محاولاً أن يصور الأهوال "الرّهابية" التي تعرضت لها شرائح كبيرة من المجتمعات، العربية وغير العربية، وذلك من خلال ما حلّ ببطل قصته "أبو الصفو" الذي سأله الشبح الداعشي المجلل بالسواد عن نقوده وتوبته قبل أن يقطع رأسه، لكن جسد أبو الصفو حمل رأسه المقطوع وتمدد باسترخاء في دائرة مسوّرة بالحصى، واضعاً إياه تجاه جبل سنجار، موقناً بأن الأشباح السوداء لن تدخلها، وسيوفهم لن تقطع روحه.

أجواء مكثفة تقدمها قصص جعفر، كالقصة الوخزة، لغة رشيقة جزلة موحية، أبواب مواربة تنفتح على أسئلة مربكة تثير أسئلة جديدة، حيث المعنى الجدلي للإرباك، وإن لم يغب الرمز في التجربة ككل يطفو على السطح في هذه القصص، وبخاصة في خواتمها.