حزب الله وجديد الخطاب؟
تاريخ النشر : 2019-01-30 13:59
بكر أبو بكر:

 ترفض القيادة الفلسطينية كما ترفض فصائل الثورة الفلسطينية عامة التدخل في شؤون الدول العربية أو في شؤون احزابها وتنظيماتها، رغم تدخلات بعض من هذه الدول في القضية الفلسطينية قفزا عن القيادة والمنظمة والسلطة.
يرفض الفلسطيني التدخلات في جسده الداخلي عبر دعم طرف على حساب آخر ما يجعل قرار هذا الطرف أو ذاك مأسورا للمال او الهيمنة او الارادة الخارجية الاقليمية أو العالمية، التي تضع مصالحها مقدمة على همنا الاول أي فلسطين.
ياسر عرفات ولحقه محمود عباس مازالا متمسكين - وكما الحال مع عدد من الفصائل- متمسكين باستقلالية الارادة والقرار الفلسطيني المستقل الذي هو احد أهم قواعد الحركة الوطنية التي اعتمدت على تجذير الفكر الوطني في سياق الخصوصية المنطلقة من الوعاء الحضاري العربي الاسلامي لا من خارجه مطلقا، وهو ذات الفكر الذي رأى في الكيانية الموحدة عبر المنظمة حلا لكافة التيارات بحيث تنصهر أفكارها فيها ولا تنقلب عليها بدعاوى الاصلاح او التغيير" السلبي".
ومن حيث أن فكر الثورة الفلسطينية فكر تحرري للوطن وللانسان فإن فلسطين هي المنطلق لا غيرها وعليه رفضنا وما زلنا تدخلات البعض من الدول او الاحزاب في شؤوننا.
وليس بخاف على أحد أن عديد الدول العربية، بل وغير العربية لها أصابع ممتدة في الجسد الفلسطيني من وراء ظهر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ما يؤكد فكرة العبث الأبدي في دم الفلسطينيين ولكن.
دوما ما تأتي اللاكن هذه لتظهر سياقا استثنائيا، وهنا دعوني أتحدث عن تدخلات حزب الله في الجسد الفلسطيني والعربي لاقول أننا ككتاب وبعض فصائل الثورة أو تيارات فيها لا شان لها بالعقيدة أوالايديولوجيه التي يحملها حزب الله أو غيره، فلسنا منقسمين في فلسطين على مساحة الخلاف الطائفي الأسود في منطقتنا العربية والاسلامية، ولن نكون أبدا. فمن يقدم لفلسطين نقبل يديه الممسكة على ازناد الحق أي كان.
ان النظر لتدخلات حزب الله باعتباره ذراع ايران في المنطقة العربية هو مما لا يعجبنا ولا نتفق معه، فأولويتنا فلسطين في سياق تمتين المحور العربي ثم الاقليمي بما يضم ايران.
أن تكون الالتفافات حول الامة العربية في سوريا والعراق واليمن، هو مما لا نعده مفيدا لبناء منظومة فاعلة في المنطقة ضد الهيلمان الامريكي الاسرائيلي مهما تشدقت الاطراف الاقليمية المتصارعة في حربها ضد بعضها البعض، مدعية الحرب ضد الامريكي او الاسرائيلي. 
قلت أننا نختلف قطعا بكثير من ممارسات حزب الله الخارجة برأينا عن نطاق وعي البناء الاقليمي الموحد لكننا في سياق المشهد الفلسطيني نلحظ مؤخرا تغيرا في الخطاب العلني لحزب الله ، فالحزب الذي يعلن أنه يرتبط بعلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية ومع كافة فصائل فلسطين نحترم فيه عدم التدخل في الامور الداخلية للفلسطينيين، ونجل طروحاته هذه مهما كان لنا من الاختلاف في التعامل بالملفات الاخرىز
قال حسن نصر الله (26/1/2019) : "ليس هناك أي تنظيم فلسطيني يمكن أن يقبل بصفقة القرن. ولدى حزب الله علاقة مع جميع الفصائل الفلسطينية، وعلاقتنا مع السلطة جيدة"، بينما كان بالسابق يؤكد على العلاقات مع الفصائل بما فيها حركة فتح، دون ذكر السلطة. (نموذج حواره مع الميادين 15/1/2015).
ان النغمة التي يراها البعض جديدة-البعض يعتبرها تكتيكا- في خطاب حزب الله الذي كانت له من الخطابات المتحاملة ضد المنظمة وقادتها الكثير فيما سبق، نأمل أن تكون بداية أو تواصل وعي بالمخاطر المحدقة وبداية وعي بمفهوم القضية الجامعة والإطار الجامع رغم أنه لا ينفك يردد أن "فلسطين هي القضية المركزية"، ما لا تصدقه التحركات من خلف ظهر الامة.
نقدر ونثمن هذا السياق الجديد أو المتجدد في الخطاب الأخير لرئيس حزب الله- فهو وان اختلفنا معه في مواضع أخرى بالخطاب-أكد على مجموعة من المفاهيم والمصطلحات والثوابت المتعلقة بفلسطين كقضية الامة المركزية وتلك المفاهيم المتعلقة بالنضال.
نتمنى تغليب الأساسي على الثانوي مهما بدا يخدم الاول من حزب الله، ومن كثير أحزاب او دول أن تكون على نفس المسار بالنسبة لفلسطين، فلا تعاملنا بوجهين أسود وأبيض، فلا تعطي الاسرائيليين باغداق بيد، وتمد لنا الفتات والتشرذم باليد الأخرى.

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لموقع " ريال ميديا "