الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

لماذا الضفة؟!

  • 11:41 AM

  • 2022-09-06

د. سامي محمد الأخرس:
دار في خلدي عدة أسئلة من جملة النقاشات والحوارات التي تثار بيننا في العديد من المجموعات التي تحتوي على كل ألوان الطيف الفلسطيني، وتكون مترقب ومحاور وفق العديد من الإيمانيات الخاصة بك، أول هذه الإيمانيات إيمانك المطلق بالفعل المقاوم الذي يعتبر هو السبيل الأوحد لنيل حقوقنا الوطنية المشروعة مع احتلال وعدو لا يفهم أيّ لغة إلا تلك اللغة، لغة العنف الثوري في كل أركان الوطن المحتل. وكذلك ضرورة الحفاظ على المكتسبات الوطنية التي يمكن أنّ تؤسس للمستقبل أنّ كتب لنا أنّ يكون لنا دولة أو كيان مستقل.
ولكن من خلال تباين الآراء وتعددها وتلونها وفق ألوان الطيف الفلسطيني، تبادر لذهني سؤال وهو لماذا يريد البعض منا التصعيد المقاوم المستمر في الضفة الغربية، في حين أنه يطالب بضرورة ضبط الأمور في غزة، ومنح شعبها فرصة للحياة والعيش بدون تصعيد أو ضرب أو دفع ثمن؟!
هنا علينا أنّ ننظر للأمور بواقع محايد نكون فيه عتقاء من عصبويتنا الحزبية أو عنصريتنا الأيديولوجية التي توجهنا لمصالح حزبية وأيديولوجية تطغو على مفهوم الوطنية والوطن بشموليته، وكذلك علينا أنّ نقر بأنّ الوطن بكل تفاصيله وجغرافيته دفع ويدفع الثمن بكل المراحل، دون فصل منطقة عن أخرى، ودون الاستسلام لفكرة الرفاهية لمنطقة عن الأخرى، فشعبنا الفلسطيني يدفع كل الأثمان التي يمكن أنّ يتصورها عقل أو لا يتصورها سواء في غزة أو الضفة الغربية أو الداخل الفلسطيني أو الشتات الفلسطيني، فكل جغرافيا من جغرافيا الوطن تدفع ثمن وطنيتها، وثمن حقها بطريقة ما أو بشكل ما، مع الإدراك المطلق أنّ منطقة جغرافية لا يمكن لها أنّ تتحمل وزر عملية التحرير، أو وزر وتضحيات المقاومة لوحدها، وبشكل مفرد أو منفرد، لذلك فكل جغرافيا من جغرافيا الوطن تدفع وتضحي وفق المتاح لها، وعلى يقين أن لا أحد يبخل في تضحياته مقابل المشروع الوطني الأهم والأكبر في خلد كل فلسطيني بغض النظر عن انتمائه أو توجهه.
ربما ساحة الضفة الغربية هي المجال الأكثر انفتاحًا للمواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني، وهي التي تتعرض بشكل يومي لعمليات اقتحامات واعتداءات مباشرة من قبل العدو الصهيوني، ويتم شن حرب أهدافها معلنة وواضحة، تصفية كل أساليب المقاومة، وأدواتها في المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، بالمقابل هناك سلطة قائمة وأجهزة قائمة ومؤسسات قائمة، فإن كانت سلطة غزة تبحث عن الإستقرار نوعًا ما لتعزيز مفاهيم الصمود، والحياة الكريمة للمواطن الفلسطيني الغزاوي، فلماذا لا نسقط نفس المفهوم والشعار على سلطة رام الله، ونبرر لها نوعًا ما بأنها تسعى لتعزيز صمود المواطن وسبل العيش الكريم للمواطن الضفاوي الذي لا يمكن تمييز وسائل رفاهيته بشكل أبعد أو أفضل عن مواطن غزة، فما يخضع له المواطن الغزاوي هو ما يخضع له المواطن الضفاوي، بل هو ما يخضع له المواطن الفلسطيني في مخيمات الشتات سوريا ولبنان على وجه التحديد، ويدفع نفس الفاتورة من التضحية والصمود,
هذه التساؤلات أو هذا السؤال الذي قفز لخلدي نتيجة المناقشات العديدة هو دافع مباشر نتيجة تعزيز مفهوم التفكير، والمراجعة الذاتية لماهية المقاومة، ومفهوم المقاومة، وتحديد الأهداف من المقاومة. فغزة على سبيل المثال أتبعت مفهوم مقاومة الجيوش النظامية لكل أذرعها المسلحة وبكل ألوانها وأصبحت مقاومتها تأخذ الشكل التقليدي للجيوش النظامية قصف مقابل قصف، ورد مقابل اعتداء، وتتوقف عند نقطة هدنة أو تفاهمات، وتنتظر الإعتداء من جديد لتعيد الكرة كما تعودنا منذ عام 2008 حتى اليوم، فخرجت من معادلة المقاومة بمفهومها الواسع والمتسع والمقاومة المباشرة الموجعة مع العدو من خلال العمليات المسلحة، أو العمليات التي تتم بشكل أكثر إيذاء للعدو الصهيوني، في حين المقاومة التقليدية في غزة فهي مجرد ديكور أصبحت ألوانه غير متجددة، وغير واضحة الأهداف أيّ الوان باهتة تعود عليها العدو وشعبنا لذلك ربما من الأفضل إخراجها من معادلة المقاومة بمفهومها الضيق، وإسقاطها على مفهوم المقاومة بمفومها الواسع اي الحفاظ على الشكل المقاوم للفصائل التي تحولت من مجموعات غواريه تقتحم وتنفذ وتهاجم إلى جيوش ترد بالقصف وفق جهاز تحكم عن بعد، وتدفع ثمنه تضحيات كبيرة جدًا في الأفراد والمنشآت والبنى التحتية ومعاناة المواطن، أيّ بالمفهوم الطبيعي إخراجها من معادلة المواجهة، والوقوع تحت إرادة العدو ومزاجه العام جماهيريًا وسياسيًا، واعتبار غزة جغرافيا تصدير أزماته السياسية وتحقيق انتصارات وهمية على الأبراج، والبنايات والمؤسسات التي تدمر ويعاد بنائها بعد سنوات، ولكن المواطن الطبيعي هو من يدفع الثمن غاليًا، لذلك ربما أصبح البحث عن بدائل كما فعلت وفكرت القوى الفلسطينية التي تريد تصدير الفعل المقاوم إلى مدن ومخيمات الضفة الغربية، ومهاجمة كل من يحاول التغريد خارج السرب، ولا تسقط نفس الموازين التي تسقطها عليها على الآخرين. وبكل تأكيد هذا ليس دعوة لمنع المقاومة في أيّ جزء من أجزاء الوطن بل ضرورة تعزيز هذه المقاومة، وتعزيز حضورها ووجودها، وتصليب مواقفها ضد قوات العدو واعتداءاته المستمرة ضد الوطن والمواطن.
إذن فخلاصة الأمر أنّ القوى الفلسطينية التي أصبحت تقيس الأمور بموازين سياسية حزبية واضحة تحاول أنّ تعيد تشكيل الوعي المقاوم الحزبي لها من خلال استدراك مفهوم المقاومة المباشرة، وتعزيز حضور صورتها المقاومة التي تآكلت شعبيًا في الفترة الأخيرة من خلال البحث عن وسائل تعزيز في الذهن الفلسطيني، ولن يكون لهذا التعزيز استحضار إلا من خلال المدن والمخيمات في الضفة الغربية، واستحضار صورة المقاتل الفلسطيني الحزبي الذي يعيد للصورة النمطية في الذهن الشعبي حضوره المقاوم وفعله المقاوم، والذي أعتقد أنه يعيد رسم مساراته وأنماطه التفكيرية لإعادة روح الصورة، وزخم الحضور وفق العديد من الأهداف، والرؤى، بنفس الكيفية التي حدثت في غزة في انتفاضة الأقصى عام 2000 والتي انتهت باستقلالية غزة عن أجزاء الوطن بعد مرحلة من الفوضى والفلتان على كل الصعد، وإضعاف مؤسسات السلطة حتى نخر جسدها السوس وأصبحت آيلة للسقوط وفعلًا سقطت وتبخرت مؤسساتها تحت فعل الصورة النمطية المقاومة التي رسمتها بعض الأحزاب الفلسطينية في الذهنية الشعبية.
ملاحظة: أنا أدعو شعبنا بأنّ يكون ظهرًا وسندًا لكل مقاوم يدافع عن الوطن، ولكن عليه أيضًا أنّ يكون محافظًا على المكتسبات الوطنية مهما كانت ضعيفة أو هشة، فهي المؤسسات التي ممكن من خلالها أنّ يبصر المواطن الأمل بالحياة يومًا.

الآراء المطروحة تعبرعن رأي كاتبها أوكاتبته وليس بالضرورة أنها تعبرعن الموقف الرسمي

لـ"ريال ميديا" 

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات