بايدن ينهي الحقبة الديمقراطية في البيت الأبيض

حافظ البرغوثي:

كان بإمكان الرئيس الأمريكي جو بايدن إنهاء ملف الأزمة الروسية الأوكرانية منذ البدء بإعلان أن أوكرانيا لن تنضم إلى حلف الناتو ولن تكون قوة عسكرية تهدد روسيا، لكن ذلك لم يحدث. لأن الإستراتيجية الأمريكية كانت منذ سنة 2014 تهيئ الجيش الأوكراني لحرب مع روسيا وباعتراف أمريكي رسمي كان هناك مستشارون عسكريون أمريكيون ومدربون يتولون تدريب الجيش الأوكراني، بل ظل هناك مستشارون أمريكيون أثناء الحرب.

وقد مهد الغرب خاصة واشنطن لتصعيد زيلينسكي وأطاحوا بسابقه بيترو بوروشينكو الذي خاض حربا ضد الروس في سنة 2014، لأنه لم يكن طوع بنانهم بينما منذ تسمله الحكم فإن زيلينسكي قمع المعارضة وأبقى على الفاسدين الكبار وأحاط نفسه بوزراء ومساعدين يهود كما حدث مع لينين اليهودي بعد نجاح الثورة الشيوعية حيث كانت أغلبية حكومة لينين من اليهود لأنهم لعبوا دورا رائدا في إسقاط الإمبراطورية الروسية القيصرية التي كانت على عداء معهم. فزيلينسكي كان مناسبا لمهمة تدمير أوكرانيا وروسيا معا.

ولعل اللهجة الشديدة التي استخدمها بايدن ضد بوتين والأوصاف التي أطلقها عليه خارج نطاق المتعارف عليه دوليا تنم أيضا عن أنه يدافع عن أمر شخصي يتعلق بابنه هنتر ونشاطه الاستثماري المشبوه في روسيا والصين وتلقيه رشاوى واستخدام اسم أبيه عندما كان نائبا للرئيس وهو ما طالب بالكشف عنه سابقا دونالد ترامب من روسيا وعاد للمطالبة به مجددا حاليا. لكن الأخطر هو المحاكمة والتحقيقات التي تجريها حاليا هيئة محلفين في مدينة ديلاور حول أموال هنتر ومصدرها وهي ستدمره شخصيا وتدمر مستقبل والده والحزب الديمقراطي في الانتخابات النصفية في نوفمبر المقبل التي يتوقع المراقبون أن تعيد الجمهوريين للسيطرة على مجلسي النواب والشيوخ وتفتح المجال لعودة ترامب مجددا في إنتخابات الرئاسة المقبلة.

إلا أن التهمة الكبرى التي توجه لهنتر هي استفادته من المختبرات البيولوجية في أوكرانيا وهي أنشطة لا علاقة لها بمنصبه في شركة للغاز بأوكرانيا، حيث عمل على حشد الأموال للمختبرات من مصادر لا علاقة لها بالبحوث المعلن للمراكز التي قيل إنها تعنى بالبيئة واحتفظ بجزء من الأموال لنفسه، وهي من الجيش الأمريكي وأفرعه الحربية والبحثية ومن رجل أعمال مشبوه الأنشطة وهو اليهودي جورج سوروس ومن بنك جي مورجان ويملكه يهود أمريكيون. فما علاقة بنك وسوروس ووزارة الدفاع الأمريكية بأبحاث تدعي أوكرانيا انها للحفاظ على البئية! لكن ترامب نفسه لن يكون مستقبله مضمونا في حزبه لأن ابنه أيضا تحت التحقيق المالي وكذلك ابنته إيفانكا التي تم استجوابها في الكونجرس وزوجها كوشنر الذي استفاد من قروض خليجية لانتشال شركته العقارية من أزمتها المالية التي فاقت المليار دولار، وكذلك ترامب شخصيا المتهم بالتهرب الضريبي. ويمكن أن يتخلص منه الحزب الجمهوري أيضا ويختار منافسا أقوى.. أما الحزب الديمقراطي فيبقى ضعيفا لأن مرشحته ستكون نائبة الرئيس كامالا هاريس ولا حظوظ لها بأن تكون الرئيس التالي.

ويربط البعض بين صعود ترامب وصعود نتنياهو في آن لكن الأخير يبدو بلا أمل في العودة إلى السياسة كرئيس للوزراء بسبب ملاحقته في قضايا فساد لم يتم القطع فيها، ولأن حزب الليكود لا يريده وهناك مرشحون تواقون للحلول مكانه. بل إن ترامب نفسه بالنسبة لإسرائيل لن يكون الذي كان، لأن اليهود خذلوه في الانتخابات رغم الخدمات التي قدمها على شكل الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان ونقل السفارة ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية بصفقة القرن وهو ليس على وئام مع اليمين الإسرائيلي خاصة نتنياهو الذي خانه.

ترامب في حالة إعادة انتخابه رغم الشكوك سيكون غير ترامب القديم بل سيسعى إلى التصالح مع روسيا والصين لأن همه الانتعاش الاقتصادي وسيجبر أوروبا على المساهمة أكثر في ميزانية الناتو. وستتبخر أوكرانيا عن الطاولة لتداوي جراحها بعد تقديمها كقربان للدب الروسي دون مقابل.

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"