الجمعة 19 ابريل 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

الناقد الكبير د محمد عبد المطلب:

التحاقى المتأخر بالحركة النقدية دفعنى لبذل مجهود مضاعف

أزمة النقد تكمن فى الأتجاهات النقدية الحديثة النابعة من نص غير عربى

  • 23:29 PM

  • 2021-03-05

القاهرة - " ريال ميديا ":

"سعى الناقد الأدبى الكبير الدكتور محمد عبد المطلب إلى التأكيد بعدم وجود صدام بين اللغة العامية والفصحى وذلك من خلال كتابه الجديد "قراءة ثقافية فى شعر العامية المصرية"، والصادر حديثاً عن الهيئة العامة لقصور الثقافة. لافتاً لوجود سياق سياسى وثقافى وأجتماعى لكل لغة. حيث يعُد عبد المطلب أحد المناصريين لشعر العامية ومن ثم حرص خلال رئاسته سابقا للجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة على عضوية بعض شعرائها باللجنة. مشيراً إلى أن العامية تهدف إلى إيصال المعنى بينما الفصحى تهدف إلى إيصال جماليات اللغة.

القاهرة التقته فى الحوار التالى على هامش إصداره الجديد ومناقشته فى العديد من الأمور التى تخص الحركة الثقافية والنقدية بشكل خاص..

حاورته: سماح عبد السلام:

قدمت للحركة الأدبية مؤخراً كتاباً تحت عنوان "قراءة ثقافية فى شعر العامية المصرية"، فما الذى دفعك لتقديم دراسة فى شعر العامية ولا سيما أن الجانب الكبير من كتابتك ينصب على الفصحى؟

بالفعل معظم دراساتى كانت فى الشعر الفصيح لكن علاقتى بشعراء العامية الكبار وخاصة سيد حجاب والأبنودى جعلتنى أتابع بعض اشعارهم وأسعى لإستيعابها وكان هذا عام 2008 تقريباً، حيث بدأت مع صلاح جاهين فى رباعياته وكتبت عنها دراسة لتوضيح علاقة الفصحى بالعامية، ولذلك قرأت الرباعية بعنوان "فصاحة العربية فى رباعيات صلاح جاهيين" وقمت بأحصاء عدد الكلمات الفصيحة فى الرباعية فوجدت أنها تبلغ أكثر من 80%، أذن العامية تأت فى النطق وليس فى الكتابة، ثم جاءت بعض الظروف التى حالت بينى وبين أستكمال دراساتى عن شعر العامية. إلى أن كان العام الماضى وجدت لدى أوراقاً متعدد عن سيد حجاب والأبنودى وغيرهما فعقدت العزم على أن أكتب لأنه كانت هناك قضية مثارة من بعض شعراء العامية وهى أن الفصحى لم تعد لغة الشعب المصرى وأن العامية هى لغة المصريين. فارادوا ان يحدثوا خصاماً بين العامية والفصحى، فقدمت هذا الكتاب لكى اقول أنه لاصدام بينهما. لكل منهما سياقاً اجتماعياً وسياسياً وأدبياً دون صداماً أو تقاطع. وقدمت هذا الكتاب الذى درست خلاله 65 ديواناً لشعراء العامية. وقد بدأت بعامية أحمد شوقى و لكى أعقد مصالحة بين العامية والفصحى أوضحت الركائز الأساسية فى شعر العامية وهى الموسيقى ثم اللغة ثم الخيال ثم المعنى. وطبقت هذه الرباعية على شعر العامية فوجدتها موجودة فيها ولكن مع بعض الأختلاف وهو أن المعنى فى الفصحى يأت مؤخراً بينما يأت فى العامية مقدماً، اللغة ليست بالدرجة التى كانت عليها مثلما كانت فى الفصحى، الخيال تقريباً متحد فى الأثنين وأن العامية تهدف إلى إيصال المعنى بينما الفصحى تهدف إلى إيصال جماليات اللغة واستمريت مع كل هذه الدواويين وتمتعت بها إلى أن صدر هذا الكتاب الذى أعتبره كشف عن حقيقية شعر العامية فى مصر وأعتقد أن بعض شعراء العامية قد أسعدهم صدور هذا الكتاب لأنه يمثل أعترافاً بشعرهم عند النقاد. فقد كان نقاد العربية جميعاً يهتمون بالفصحى فقط، لكن فى الفترة الأخيرة ظهرت دراسة للدكتور صلاح فضل عن شعر العامية متوازيه مع دراستى مما يعنى أن شعر العامية اصبح مستحقاً لكى يكون مجاوراً لشعر الفصحى.

ولكن بالفعل سمة مقولة دائمة بأن شعر العامية لا يجد الأحتفاء مثل الفصحى أو النثر؟

هناك قصيدة النثر فى الفصحى والعامية ايضاً. لكن شعر العامية اصبح يجد له مكاناً الآن فى الجوائز والمؤتمرات. اصبح لدينا جوئز فى هذا المجال مثل جائزة ساويرس وآخرين. وفى كل الندوات التى كنت اشرف عليها بالمجلس الأعلى للثقافة حرصت على وضع مجلس شعر العامية مع الفصحى. وعندما شكلت لجانًا للشعر بالمجلس حرصت على أن يتضمن اعضاءاً من شعر العامية. لكى يكون لشعر العامية مكانته بوصفه لغة الشعب لكن دون أن يكون هناك خصومة بين الفصحى والعامية. فالفصحى هى لغتنا والعامية هى كلامنا. اللغة ما نحفظه فى الذاكرة والكلام ما يتم النطق به.

 ما هى رؤيتك للمشهد النقدى وخاصة مع وتيرة الأتهام المستمرة له بالتقصير فى المتابعات النقدية؟

بالفعل هناك دائماً جملة موسيمية تتحدث عن وجود أزمة فى النقد ولكنى أقول بأنه لا توجد أزمة فى النقد ولكن هناك اتجاهات وقراءات نقدية ألا أنها تختلف من زمن لآخر حسب الأتجاهات الإنسانية الكبرى. عندما تأتى البنيوية تدُرس الفصحى بالنيوية والعامية، عندما تأتى الأسلوبية يتم ذلك. فكلما جاءت مرحلة نقدية يتم تطبيقها على العامية والفصحى معاً. لم أشعر ان هناك ازمة نقدية على الأطلاق لكن هناك بعض المخاطر من الأتجاهات النقدية الحديثة وهى اتجاهات نابعة من نص غير عربى ومقايسها تنطبق على نص غير عربى. يحاول بعض النقاد قصر النص العربى على استقبال هذه التقنيات وهذا كلام ليس دقيقياً. كل نص نابع من خصوصية لغته. عندما اجد ناقداً يقول أن الشعر هنا ابدع فى تقديم الفاعل على الفعل فليس هذا فى اللغة العربية وعندما يقول انه يقدم الصفة والموصوف فليس فى اللغة العربية. عليك ان تحترم لغتك وثقافتك وتستفيد من الوافد بقدر ما يفيد اللغة العربية. فضلاً عن أن بعض النقاد الجدد استراحوا إلى الوافد النقدى لأنه اراحهم، فى الرواية مثلاً احصيت التقنيات الوافدة فى الرواية فوجدتها 57 تقنية. فالناقد المصرى فرح بهذا الأمر، يمسك بالرواية ويقول هنا موقف وهنا استباق وهنا عجلة.. الخ ويسهل عليه فى خلال يومين مناقشة رواية بهذا التناول وهذا خطأ. كنت عندما اناقش رواية اعيش مع النص ثلاثة او اربعة اشهر حتى اشعر اننى كات هذا النص ثم اتحدث عنه. لكن العجلة لا تصنع ناقداً. للأسف لم يتنبه بعض النقاد الجدد أن كثيراً من المصطلحات الوافدة ليست مصطلحات فى لغتها ولكنها كلام عامى. على سبيل المثال كلمة "أسترجاع" معناها يتذكر الماضى فى اللغة الفرنسية والأنجليزية بينما تم تحويلها لمصطلح لدينا وكلمة "استباق" يفكر فيما يأتى. اريد من نقاد الجيل الأدبى ان يستفيدوا من الوافد دون أن ينسوا تقاليد وثقافة لغتهم أو طبيعة النص العربى. أشرف على سلسلة دراسات ادبية بهيئة الكتاب تصدر كل شهر كتاباً نقدياً، مما يعنى انه ليس هناك ازمة نقد ولكن هناك توقف لأستيعاب الجديد. كما أرى بعض الشباب الواعدين اللذين يقدمون اتجاهاتً نقدية رائعة فى الفصحى والعامية، فى الرواية والشعر.

على ذكر الشباب الواعدين.. كيف تنظر للجيل الجديد من شعر العامية بعد رحيل الأبنوى وحجاب ونجم؟

رحيل الكبار لا يلغى دور الصغار، مازال الجيل الجديد يبدع وقد يقارب القدماء وقد يتفوق عليهم ايضاً، مازالت الان اتمتع بكل الإبداع الجديد فى الفصيحى والعامية وفى القصيدة الموزونة والنثرية وفى الرواية القصيرة والطويلة.. الخ. مازال الإبداع فى العالم العربى إبداعاً حياً، ومازال النقاد يتابعونه، قد تكون متابعة محدودة بعض الشئ ولكن المتابعة قائمة. عندما مات المتنبى أو أمرؤ القيس لم يتوقف الشعر العربى، مات حجاب والابنوى ونجم ولكن هناك رجب الصاوى ومسعود شومان واخرين يكتبون. الموت لا يوقف الشعر او الادب اطلاقاً.

 فى إطار الحديث عن النقد وممارسوه ما مدى التواصل بينك وبين النقاد الجدد ؟

لى تلاميذ يكملون دورى الان. اعتبر دائماً الأستاذ الحقيقى بتلاميذه. هناك اشياء لم أكتبها واوجه تلاميذى لكتابتها. فى طنطا اسامة البحيرى من أهم تلميذى وعبد الله البار فى اليمن من تلاميذى الذين اضافوا لى. وحتى الان هناك طلاب اكلفهم بكتابة ابحاث فى البلاغة العربية كنت اتمنى كتابتها لكن لم تتُاح لى الظروف. المهم فى الأستاذ ان يكون له تلاميذ يمتدون بعده ليكملون دوره. وهذا ما تعلمته من الدكتور عبد القادر القط حيث كنت اسمعه يقول الأستاذ بما يتركه من تلاميذ. فأنا لى تلاميذ فى العالم العربى كله وهم اعتبرهم امتداد لجهودى فى البلاغة والنقد العربى. محمد فكرى الجزار من اهم تلاميذى حتى اننى قلت له يبدو انك تثبت لى مقولة ان الطالب قد يتفوق على استاذه، فغضب ولكنى وجدته انه قدم اشياء لم اكتبها.

هل من جديد بشأن الصالون الذى تعقده كل يوم جمعة من كل شهر؟

لقد توقف هذا اللقاء الأسبوعى بسبب كورونا لانه عندما سُمح لنا بعقده أشترط المكان الذى يستضيفه ان يكون هناك مسافة بين كل شخص والأخر وكاننا سنكون غرباء عن بعض وبالتالى ننتظر ان تنتهى ازمة كورونا حتى نعود للصالون ونمارس به بعض الأجراءات النقدية فى هذا اللقاء الأسبوعى الذى يحضره ادباء النقاد .

وما هى رؤيتك للصالونات الادبية وخاصة مع تدشين العديد منها فى السنوات الأخيرة؟

الصالونات الادبية انقرضت فى العالم العربى كله.لأن الصالون كان يحتاج إلى ميزانية كبيرة ومكان محدد وهذا لم يعد متاحًا الآن والموجود حاليا محدود العدد. لكن الصالونات القديمة كصالون العقاد أو مى زيادة كانت خصبة. المتاح حاليا تجمعات لبعض الأصدقاء وليس صالوناً ادبياً. فالدكتور عبد القادر القط كان يطلق على صالونه اسم "مجلس اصدقاء". وما نحن فيه أيضًا مجلس أصدقاء، بضعة اصدقاء تربطهم علاقات ثقافية وحضارية وانسانية يجتمعون مع بعضهم البعض لكى يتبادلوا المشورة والرأى وقد يطرحون قضايا ادبية ونقدية وسياسية احياناً.

برأيك كناقد هل سيكون لأزمة كورونا تأثيراً ملموساً على الحركة الأدبية؟

نعم ولكن بعد فترة. ربما فى الشعر ولكن الرواية لابد ان تنتظر ثلاث سنوات على الأقل حتى تظهر اعمال روائية أو مسرحية عن هذا الوباء لكن الشعر بطبيعته يتأثر بشكل سريع بالحدث ومع ذلك لم اقرأ اعمالاً شعرية تتناول هذه الواقعة. يبدوا ان الجميع فى انتظار النتائج النهائية لهذه المأساة التى يعيشها العالم كلة. الأبداع بطبيعته ينتظر ان تختمر التجربة ويظهر لها نتائج ثم يكتب عنها. ظهر مرض الكوليرا فى رواية "الأيام" لطه حسين وكذلك بشعر نازك الملائكة عام فى قصيدة الكوليرا فى مصر عام 1957 وقد كتبت عنها دراسة شهيرة. واعتقد انه سيظهر اعمال شعرية وقصصية وروائية تعبر عن تلك الازمة العالمية.

أحتفيت بعيد ميلادك الـ82. هل ترى أن تجربتك النقدية نالت الاحتفاء اللائق بها؟

أشعر بالرضا التام عن تجربتى النقدية وخاصة أنى آخر من دخل الواقع الثقافى من أبناء جيلى، التحقت به أواخر السبعينيات وكان أبناء جيلى نجوماً مثل الدكتور صلاح فضل وجابر عصفور وأحمد درويش ويوسف نوفل، ومنذ ذلك بذلت جهدًا مضاعفاً حتى أنجزت هذه الأعمال النقدية والبلاغية واعتقد أننى لاقيت تقديراً فى مصر والعالم العربى وأشعر برضا تام عن تجربتى وأننى قدمت فيها ما يستحق أن أكُرم بسببه وأحمد الله أننى مازلت أنتج وأبدع. ولكنى حاولت أن أعوض تأخرى عن أبناء جيلى ببذل مجهود مضاعف. حتى إن كتبى تجاوزت الثلاثين كتاباً الآن. ومنها كتب لاقت تقديراً مثل "نقد الشعر" الذى حصل على جائزة فيصل، وجائزة البابطين والجائزة التقديرية بمصر. حصلت على كل جوائز نقد الشعر. فالتقدير وجدته وراض عما أنجزت. وبالمناسبة فترة كورونا كانت خصبة بالنسبة. انجزت ثلاثة كتب. كنت قد بدأت 1980 اشارك فى برنامج تقدمة القناه الثانية بعنوان "شاعر وقصيدة" حتى اكتشفت اننى كتبت عن هذا البرنامج حوالى 15 دراسة على قصائد لشعراء فأعدت كتابة هذه الدراسات واضفت اليها دراسات جديدة والكتاب قيد الطبع. كما انجزت كتاباً بعنوان "الشعر والمشروع القومى العربى" تابعت خلاله دور الشعر فى التعبير عن الحركات الثورية فى العالم العربى منذ الجاهلية حتى الآن. والآن بصدد إصدار كتاب جديدة بعنوان "الحوار القرآنى قراءة حجاجية".. حيث أتابع أبنية الحوار القرآني متابعة كاملة وحاولت فى هذه القراءة أن أضيف ما لم يضفه المفسرون جميعاً مع الاستفادة من كل التفسيرات السابقة حتى لا أضل.

حوار: سماح عبد السلام -  جريدة القاهرة .

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات