الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

سطوة المكان في سردية حرية مؤقتة للشاعر ناصر عطا الله

  • 22:51 PM

  • 2021-03-03

شفيق التلولي:

يستشعر المتلقي منذ اللحظة التي انطلق فيها السرد أن سطوة المكان قد طغت على سردية حرية مؤقتة التي أصدرها الكاتب ناصر عطالله مؤخرا ضمن إصدارات وزارة الثقافة الفلسطينية، كما وظهر ذلك جليا على غلاف الكتاب الذي جنسه بسيرة مكان ليتكشف في سياق السرد أن الكاتب يتناول رحلته إلى جمهورية مصر العربية التي عدها حرية مؤقتة، حيث حاول الكاتب أن يقول عبرها إن الخروج من غزة حرية مؤقتة يتحرر فيها المسافر من الاحتلال والحصار والانقسام وما أفرزه من ظلم وظلام لكن تلك الحرية المؤقتة لا يمكن أن تمثل الحرية الدائمة والشمولية، فالوطن لا فكاك منه مهما بلغت النوائب. كما ويعلن الكاتب خلال سرده لمجريات رحلته أنه متأثر جدا بمصر التي أبهرته معالمها الحضارية وشوارعها العتيقة وأهلها الطيبين لتمثل له محطة مهمة شبهها بالحرية المؤقتة التي جاءت عنوان السردية كدلالة على المكان، المكان الذي راوح في سياق السرد بين غزة ومصر وبخاصة القاهرة ومحطة الفيوم ورحلة الشقاء خلال سفر الفلسطيني الذي يسكن غزة ما بين الذهاب والإياب غير أن الكاتب لم يغفل سورية التي ولد فيها بدوما الواقعة في تخوم العاصمة دمشق وطرطوس المدينة السورية الساحلية التي نشأ وترعرع فيها، حتى أنه جاء على ذكر بولندا التي درس فيها وذلك من خلال استدعاء المكان عبر عقد مقاربات بين مصر وتلك البلدان التي تنقل خلالها وبخاصة خلال رحلته إلى مصر بدءا من نقطة الانطلاق حيث معبر رفح مرورا بصحراء سيناء التي استدعى فيها طريق دمشق اللادقية وغيرها من الأماكن والمحطات كالفيوم التي قصدها للمشاركة في مهرجان شعري فيها.

كما أن الكاتب غلب عليه وصفه للأماكن التي حط فيها بلغة شعرية بليغة عبرت عن ذاته الشاعرة التي استوطنت روحه وسيطرت عليها سطوة المكان.

نستطيع القول إن المكان طاغٍ بشكل كبير في سردية حرية مؤقتة كما عبر عنها العنوان، فالحرية ارتبطت بالخروج من المكان لكن العودة كانت حتمية بالرغم من الألم والوجع الذي يحيط بغزة تاركا ذكرياته الجميلة في القاهرة التي بالرغم من ازدحام الأماكن فيها وانبهاره بعظمتها إلا أن غزة لم تغب عن باله، بالرغم من تخوفاته الأمنية التي طاردته وتساؤلاته عما ينتظره حال رجوعه على أثر ما ترك له ضابط الأمن الفلسطيني في المعبر من هاجس أضحى يلح عليه بعدما أبلغه خلال خروجه من غزة بضرورة مراجعة الأمن حال عودته.

بالرغم من سطوة المكان التي طغت على السردية إلا أنها تجاوزت حدود المكان أيضا لتحلق في جوانب من السيرة الذاتية للكاتب التي تسللت من حين لآخر في جوانب النص عبر تقنية الاسترجاع، لكن الذات الكاتبة في النص اندغمت بالعام حينما وظفت لصالح سرد القضية الوطنية للفلسطيني في حله وترحاله مستعرضا تجربته في كل من سورية وغزة، كذلك تعرض لقضايا الأمة العربية ومخرجات ما سمي بالربيع العربي.

استخدم الكاتب ضمير المخاطب خلال السرد في محاولة لخلق حوار مع الذات لفهمها والتواصل معها عله يجد إجابات لعديد التساؤلات التي وضعته أمامها تلك الرحلة الحافلة بالأحداث والأماكن والشخصيات المتمثلة في الوفد الفلسطيني الصحفي الذي كان واحدا منهم وفيمن قابلهم من مصريين وعرب، لكنه تميز عن زملائه في جمعه لمجمل فتات وتفاصيل الرحلة بكل معطياتها وتداعياتها بلغة الشاعر وحرفية الصحفي الذي وثق للرحلة بطريقة أدبية وصحفية جمعت بين الرمز والدلالة والوصف والخطابة والتقريرية.

عكست هذه التجربة السردية سطوة المكان بشكل دراماتيكي أعادت كتابة التاريخ بأسلوب أدبي مشوق وترجمت الواقع برؤية الكاتب الوجودية ورسم ملامح الجغرافية من خلال وصفه للأماكن بلغة شعرية لا تخلو من الاستدلال بالوقائع والتأريخ.

يمكننا القول إن هذه السردية تندرج في إطار أدب الرحلات التي تجمع بين سيرة المكان والسيرة الذاتية لتشكل بذلك نصا مفتوحا يمكن أن يكون عابرا للنوعية.

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات