الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

خازن النار

  • 00:46 AM

  • 2021-02-12

عبد الناصر صالح*:

مثلَ غيمٍ يسير على مَهَلٍ

أشهدُ العمر يقتات خضرَتَهُ

والينابيع تنشقّ في آخر الضوءِ

حيثُ الجفافُ المريبُ يداهمني مثلَ ذئبٍ

ويتركُني صحراءَ مُترعةً بالرّمالِ

وأسألُ : أين سيمضي بيَ العمرَ

دونَ مُراوَغَة ٍ

أو وَداعْ.

وأين ستهوي الأساطيرُ

كيف سأفتحُ بابَ مواجِِدِها ؟

( تلك التي أرّختْ وجعي

وأضاءت خُطايَ على التلِّ )

منذ عُصورٍ ألُمُّ شظايايَ

أنتظرُ الرّيحَ

أوقِظُها من منامٍ طريٍّ

لتصطاد نجم الخرافةِ

يا ريحُ كوني ملاذي الأخيرَ

ونافذتي ..

مُتْرَعٌ بالغوايةِ

يقتادُني الوَهْم للخَوفِ

تأتي إليَّ النبوءةُ شِعراً

يُدثّرني بعباءَتهِ

ثم يختارُ لي لُغَةً

ًنبضُها أُنثويٌّ

تُفكّكُ لُغزَ الهشيمِ المُجَدْوَلَ في عُنُقي

ثم تأوي إلى خِدْرها في الضّلوعِ

كأني أُرتّل غربتَها...

وأقْصُصُ رؤيايَ للناسِ

في غفوةٍ عن أغاني الرُّعاةِ

وأكتبُ: ثمّةَ أنتِ هنا !

فإلى أين يأخذني الوهمُ ؟

للنارِ ؟

أم للبحار العقيمةِ ؟

تُفضي إلى الموت أم للضياعْ ؟

ثَمّةَ عيناكِ في نشوةِ اللَّحنِ

تنتشلانِ بلاغةَ حُزْني

وما رَثَّ من نبضِ أياميَ الغارقاتِ

ولا شيءَ في مهجةِ الأرضِ غيرُ الدخانِ

الدخانُ الذي يتفتّقُ عن لَهَبٍ

وَيَجوسُ دَمي

ثم يتْرُكُني شاخصَ الرّوحِ

أُلغي نوافِلَ عشقي

وألفظُ ما شيًّعتْهُ الكَمَنْجاتُ

من لحنها العَبَثيِّ

وأمضي كصقرٍ جريحٍ

على معطفِ القهرِ يبكي

ويغسلُ أوهامَِهُ تَتَكدّسُ

مثل الجذورِ الخبيثةِ

أخلعُ نيشانَ حزني

كأني رهينُ الخساراتِ

أمضي لخاتِمَتي

وأعدُّ مراثيَّ

مثل حُطامِ ربيعٍ تَهَشّمَ

أمحو فضاءَ مُخيّلَتي

وأؤثّثُ في جدولِ الحلمِ بعض النجومِ

لأستحضرَ العمرَ ينثالُ منّي

خريفاً

خريفاً

ويرسُمني صورةً تتهالكُ

يتركُني في الغيابِ

كساقيةٍ غافَلَتْها الغيومُ

أنا من سُلالةِ من هُزِموا قبلَ

أن تبدأ الحربُ

أدعو الفضاء الكسيحَ إلى مأتمي

هَجَرَتْني الرّماحُ

ويَخْذِلُني سيفُ أهلي

فأيُّ البحارِ سأعبرُ

أين سيقذِفُني الموجُ ؟

للشاطئ المتوقّدِ

أم للبراكينِ تلفُظُ أحقادَها

للجياعْ ؟

وأسأل : أيُّ السيوف سيقتُلُني

سيفُ أهليَ

أم سيفُ من حاصَروا فكرَتي

في الصّراعْ ؟

أنا عاشِقٌ مُفْرَدٌ

يدلِفُ الزّاهدونَ إلى خيمتي الرعويّةِ

محتفلينَ بأشعارِهم وانكسارِ مقاماتِهِمْ

لم يَعُدْ لي سؤالُ الأساطبرِ

جَفّفهُ الوقتُ في مَخدعِ الدمعِ وهو يُنسّقُ غربتَهُ

لم تَعُدْ لي طقوسُ العبادةِ

لكنّهُ الليلُ...ليلُ القطيعةِ

يَسْرُجُ سطْوَتَهُ للقوافلِ

وَيُحيلُ الفضاءَ لمحرقةٍ

حيث غادرَ أصقاعَهُ الزّيزفونُ

وحيثُ سفوحُ القرنفلِ تنأى بأجراسِها

والفصولُ الخريفيةُ اللونِ

ترسُم طالِعَها

أتثاقل في شَظَفِ العمرِ

والعمرُ مَحْضُ افتراءٍ

يراوغُني نَدضمٌ

ويؤنّبني فَرحي في المسرّاتِ

أحملُ معصيَتي واجماً كالخُرافةِ

أو مثل وهمٍ بليدٍ..

أنا مُرشِدُ التائهينَ

الذين أضاعوا لواعِجَهُم

ذات صبحٍ هزيلٍ

وخازِنُ نارِ المدائنِ

( تمنحني صكَّ غفرانِها

ووشاحَ سنابِلِها )

أتذكر أنّي لَمَمَتُ تفاصيلَها

وحَرَسْتُ الرّياحينَ في رملِ أيّامِها

وانتشيتُ

أقمتُ لها كَرنفالاًً

كوشمٍ على نخلةٍ تشرَئبُّ

لعلّ المزاميرَ تطرُق بابي

لعلّيَ أرقى إلى نورها السرمديِّ

وأقرأ في ومضة البرقِ تعويذتي

وأحطُّ رحاليَ

أغرسُ بينَ هلالَيْنِ

إيقاعها الصّلويّ

كأنّي أُحرّكُ جمرَ الصدى

وأزفُّ إليها ربيعاً

يُرجع الأرضَ خضراءَ بعد اليبابْ

العناقيد تَشبَهني

شَهْقةً

شَهْقةً

فخذيني لأيامكِ الماجداتِ

كأَنّي سأَفتَحُ باباً إلى الشمسِ

أعبُرُ كلَّ التّخوم السّحيقةِ

أمنحُ للماءِ زُرُقتَهُ

وأُطلُّ على فَرَحي من جديد.

خذيني

إذا عدتُ ثانيةً

ًفالخفافيشُ خائبةَ الخطوِ

تَسْحَلُ أذيالَها

تترنّح من هَلَعٍ

فخذيني إذا عدتُ

ها وَجَعي يتآكلُ

واللّغةُ العَدَميّة تخلَعُ أثوابَها

والحمامُ يعودُ بأفراخِهِ

مثلما عادَ للمعبدِ الزَّيزفون.

فاسكُني رغبَتي

أتأبَّطُ صدرَكِ في الزَّمهريرِ

وأمضي إليكِ

أقضُّ مضاجعَ خوفي

وأَصْدُقُكِ القولَ

من رَحِمِ الأرضِ تنبثقُ

الرَّغبةُ الآدميّةُ

تعويذةُ العمرِ

أنشودةُ العائدينَ،

أنا فارسُ الفقراء المُباحينَ

كلُّ الميادينِ تصبو إليَّ

سأعبُرُ مَنفايَ في ألقٍ ليسَ يَفنى

وأغسلُ عارَ القبيلةِ

عارَ الجبالِ

كما أوْرَثَتْني الطبيعةُ حِكْمَتَها

فاصطَفيني

كأنّي عَثَرْتُ على لُغَتي في القَصيدة.

*طولكرم:

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات