الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

ولدتُ في زمنِ الرّمان..

  • 22:28 PM

  • 2020-09-20

عبد السلام عطاري:

في العشرينَ من أيلول، كانَ الصيفُ يطوي عريشَتَه، ويجمعُ حصائرَ القشّ والسهر، ويطوي طراحات النومِ القديم. وكانت آمنةُ على موعدٍ مع مخاضٍ لتحطّ اسمي على دفترِ الولادة وتدمغَ التاريخَ بالعشرينَ من أيلول وسمًا لذاكرةِ طفلِ الحواكير المنذورِ بحبّاتِ الرّمان، ونداءات الدايةِ وصوت الجارات :" هيي يا أبو صدقي أجاكم صبي". ويبتسمُ وتبتسمُ آمنة، وأصرخُ في وجهِ الدنيا وأفتحُ فمي لأتذوقَ طعمَ الصرخةِ بقطرةِ الرّمان.

في العشرينَ من أيلول، أعبرُ العمرَ متكئًا على الذكريات، والذكرياتُ حقلٌ كثير، أقطفُ خيرَه وما لي منه، وأتركُ للطيرِ عابر السبيلِ ليقتاتَ حصّتَه من حصادِ البيادرِ و"صاع الخليل".

في تلويحةِ الصيفِ للمواسم، في موسمِ الرّمانِ كانت صرختي البكر، ولدتُ من أملِ "آمنة" ومن ألمِها وقطرات جبينها تطفئُ ظمأَ الألم، وصرختي استغاثةُ حبٍّ لعينيها، وفي عينيْها ضحكةٌ تسحرُ الحواكيرَ والحمامَ النائمَ على ركبةِ بيتِ جدي العتيق، فأضاءت لي في الفجرِ سراجَ الدعاء بصوتِها، أحملهُ وأمشي طريقي بنورِه، وكلما ذبلَ ضوؤُه زدتُه بزيتِ كلماتها وما حفظَه قلبي من آياتِ قلبها.

في العشرينَ من أيلول، لا زلتُ أحفظُ درسَ الحبّ الذي شربتُه من عينيها، وطعمُ الرّمانِ مذاقي الأول، والبيادرُ ووجهُ أمي بصري وبصيرتي إلى الدنيا، وأسكنها في كلّ سطرٍ يرد غديرَ المعنى في مرجِ الحياةِ الواسعِ بوسع المحبةِ التي غرستها آمنةُ في ذاكرتِنا وصارت شتولها تتكاثرُ كلما أيقظني الميلادُ في العشرينَ من أيلول.

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات