الخميس 28 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

قصة قصيرة:

“بعد الذكريات”

  • 01:30 AM

  • 2020-09-20

سمية عبد المنعم* :

بين زحام الذكريات كان للغياب الحضور الأبرز في ثنايا مخيلتها، هجر وجرح وظلم وافتراءات، كم من أشباه الرجال غادروا حياتها بعد أن ملأوها صخبا مفتعلا، ثم يحين الفراق المفتعل أيضا لا لشيء إلا لظهور نجم لامع جديد في سماء عربدتهم، فيكون البعد مآلهم دونما أمل. اعتادت هي، وصار الفراق لا يمثل لها جرحا،

بل أصبحت تتقبله بضحكة ساخرة وهزة رأس متوقعة للنهاية. واليوم خطت بيمينها نهاية أخرى لحكاية مشابهة أصرت على أن تكون هي من يمسك بمقاليد الهجر ويبدؤه لا هو… ربما مثّل لها الأمر نوعا من استرداد كرامة طالما دُهست،وربما كان رغبة طفولية في تبديل الأدوار ليس إلا.

نظرة مفعمة بالخواء سكنت عينيها اللتين لم يغادرهما الشغف يوما، لكنها الآن قد أصبحت شخصا آخر، شخصا لا يلقي للدنيا بالا ولا يساوره القلق ولا يعرف للسعادة طريقا بل ولا يرغب في معرفته.

إلى عيادته دلفت، ستبدأ منذ اليوم الالتفات إلى ذلك الضرس الذي أشبعها ألما ولم تكن تراه ذا أهمية،الآن لم يعد هناك ما يشغلها غير الخلاص من ألمه.

فارع الطول كان،وسيم الملامح،لمحت تسمره في مكانه عندما أبصرها تدلف من الباب،لكنها تجاهلته.

وفوق تلك الطاولة رقدت واقترب هو بأدواته يغوص بين فكيها ليكتشف سبب ما تعانيه،ولم يخل وجهه من توتر ملاحظ.

حاول أن يفتح معها حوارا جانبيا فكانت إجاباتها مقتضبة،لكنه لم ييأس، كان مرحا خفيف الظل،من ذلك النوع الذي كان يجذبها قديما،لذا فعندما ألقى بأول إفيه،افتر ثغرها عن ابتسامة ساحرة وبدأت عيناها تنظران إليه باهتمام وترقبان وسامته الواضحة.

نحى أدواته جانبا،بينما مازالت هي مستلقية،وراحا في حوار ضاحك نسيت معه أنها هنا في عيادة طبيب،ونسي هو أنه يتحدث إلى مجرد حالة.

كان جمالها من ذلك النوع الفريد الذي لا تستطيع أن تحدد تفاصيله وأسبابه على وجه الخصوص، فلا هي ذات عينين ملونتين ولا بشرة بيضاء ولا شعر أصفر ،

لكنها كانت أكثر جاذبية من كل هؤلاء،فشعرها فاحم السواد ينسدل على كتفيها في تموجات أخاذة،وشفاهها المكتنزة تشع نداءات سافرة دون حرف، وبشرتها الخمرية وقوامها المعتدل،كل ذلك جعلها أقرب ما تكون لجاذبية صوفيا لورين في أوج تألقها.

لم يستطع الطبيب مقاومة كل هذا السحر الراقد بين ناظريه،فاشتعل أثناء إطلاقها إحدى ضحكاتها العفوية ومال عليها يلتقط كفيها بين يديه ويضغط عليهما برفق شبق،ولم تمانع،ربما أحست بخدر لذيذ وبتطورات ورغبات أكثر تكمن في عينيه،لكنها فوجئت بعينيها تسددان إليه نظرات ناعسة وكأنها تستحثه أن يزيد. وكان ينتظر إشارتها،فدون مقدمات أكثر،التقط شفتيها بشفتيه وراح يلتهمهما في نهم غريب وكأنه لأول مرة يقبل امرأة،وكأنها لأول مرة تذوق شفاه أحدهم.

تساقطت الذكريات الثكلى من بين قبلتيهما،واستسلمت لنداء خفي بين لمساته وعادت مراهقة تحيا أولى تجاربها في الحب.

* مصر:

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات