ماكرون وفيروز

جلال نشوان:

على خطى ديجول ،يسير الرئيس الشاب ماكرون ،يعانق الناس ،ويحتضنهم ،متخطيا كل اجراءات البروتوكول فى مشهد لم يعتد عليه الناس فى لبنان و فى الدول العربية ، كل ذلك حدث فى وقت غادر كل الزعماء اللبنانيين الانتصار لجماهيرهم ،حيث تركوهم شهورا فى العراء ولم يعيروهم اى اهتمام

ماكرون الرئيس الشاب يستقل سيارته ويزور سيدة الغناء العربى (فيروز)،وصل الرئيس الى بيت فيروز لتستقبله جماهير لبنان وسط هتافات (شكرا ماكرون)لانك جعلتنا نرى فيروز،شكرا فرنسا...

جاء ماكرون ليعطى ساسة لبنان درسا كيف يتعامل المسؤول مع الناس

زعماء لبنان الذين تكلسوا واصابهم الجمود حتى غدوا دمى ،لا تنطق ولا تسمع ،زعماء لا هم لهم الا التمترس فى مربع الحزبية والمحاصصة والبحث عن الامتيازات ،تاركين جماهيرهم ولسان حالهم نريد فرنسا وعودة الانتداب الفرنسى

جاء الرجل الى بيت فيروز وفى جعبته الكثير من الاجندة ولسان حاله يقول (لبنان مثله مثل باريس،وليل وموناكو)

انها الدبلوماسية الذكية التى تدغدغ مشاعر الناس وتضفى اللمسات الانسانية فى ظاهرها ،لكن عمقها اكبر من ذلك بكثير

الرجل يعرف ان العملاقة فيروز لها رمزية حلقت فى فضاء الكرة الارضية كلها وحضور فاق كل تصور

فيروز الموهبة الاستثنائية ، التى خطفت القلوب واسرت الاسماع ،بصوت خلاب عبر الى الاعماق وسكن الوجدان

ماكرون يعرف جيدا ان فيروز الصوت المسافر والمنتصر دوما ،وهى لبنان الغربة والوطن وهى التى جمعت ما بين فخامة الكلمة ورقى الاداء

نجح ماكرون وفشل الاخرون ،كيف لا وقد هتفت جماهير لبنان عاليا (شكرا ماكرون)

نجح ماكرون وهو قادم وفى جعبته تغيير كل قواعد اللعبة وفكفكة الهيمنة والاستئثار بلبنان وكانه عزبة لهم يسرحون ويمرحون بها تاركين الناس الذين يعانوا الامرين ،

جاء الرجل ولديه رزمة من التعليمات وتحت شعار( الاصلاح )

انتخابات برلمانية ورئاسية ،مغادرة كافة الشرائح السياسية المتكلسة وتفكيك المؤسسات الحزبية ...الخ

لقد استطاع ماكرون الوصول الى عقول وقلوب اللبنانيين بكافة شرائحهم حتى غدا الرئيس الفعلى للبنان

زيارة ماكرون الذكية لفيروز تحمل فى طياتها الكثير ولعل قادم الايام سيوضح الكثير

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"