الجمعة 19 ابريل 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

ما بعد الأول من تموز ليس كما قبله..

  • 01:22 AM

  • 2020-06-16

جهاد سليمان*:

لطالما حفلت »الروزنامة« الفلسطينية بتواريخ مفصلية، كان لها أثر بالغ في مسيرة الشعب الفلسطيني، وانعكاساتها على القضية الوطنية، ولكل تاريخ قصة، بما تضمنته من أحداث، شكلت في معالم القضية الوطنية، ورسمت ماضي وحاضر الشعب الفلسطيني ومستقبله.

وعرفت السنوات الأربع الأخيرة. تواريخ استثنائية شكلت ومازالت نقطة تحول وانعطاف خطير على المستوى الفلسطيني، والمنطقة العربية وربما العالم. بدأت قبل إعتراف الرئيس الأمريكي »دونالد ترامب« رسميا بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني (6/12/2017(، ونقل سفارة بلاده اليها )14/5/ 2018 (مع بداية 2018 اقدمت الولايات المتحدة على قطع مساهمتها المالية في موازنة وكالة الغوث والبالغة اكثر من (360) مليون دولار، في محاولة لضرب حق العودة، تلاها خطوة اغلاق مفوضة منظمة التحرير في واشنطن (منصف 2018)، ثم الاعلان عن الشق الاقتصادي من «صفقة القرن» في «ورشة المنامة الاقتصادية» (عقدت في العاصمة البحرينية بين 25 و26 حزيران 2019)، والإلتفاف على الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بما بات يعرف بـ «صفقة القرن» الأمريكية، اعلن عن شقها السياسي بتاريخ 28 /1/ 2020، في مؤتمر صحفي عقده ترامب في البيت الأبيض، بمشاركة رئيس الوزراء الصهيوني «بنيامين نتنياهو»، أعلن بشكل رسمي، نسف الأسس القانونية والسياسية، والمتمثلة بقرارات الشرعية الدولية، والتي سعت إلى إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، من خلال منح الشعب الفلسطيني، في تقرير مصيره في دولته المستقلة كاملة السيادة، على حدود الرابع من حزيران 1967، بعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين وفقا للقرار الأممي 194.

تطابق أميركي مع الاحتلال

جاء الإعلان الرسمي عن الشق السياسي «لصفقة القرن»، ليكرس رسميا على لسان الولايات المتحدة الأمريكية، مشروع «دولة إسرائيل الكبرى» اليهودية، من خلال تشريع النشاط الاستيطاني، في الأراضي المحتلة عام 1967، واعتباره وعلى لسان وزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو، «لا يتنافى مع القانون الدولي»، في انتهاك فظ للقرار الدولي رقم 2334، واعتباره الإستيطان غير شرعي، وإعادة تعريف اللاجئين، باعتبارهم فقط الذين ولدوا قبل نكبة عام 1948، أي اسقاط صفة اللجوء عن ذريتهم، وتقديم الدعم المطلق لمشاريع اليمين المتطرف بقيادة «نتنياهو»، خاصة فيما يتعلق بيهودية الدولة، ومشاريع التهويد، وسرقة الأرض، الأمر الذي كان لافتا في تصريحات ومواقف السفير الأمريكي في تل أبيب ديفيد فريدمان ، الذي شارك شخصيا في نشاطات التهويد أسفل المسجد الأقصى في المدينة المحتلة.

على المقلب الآخر، كانت المعركة الانتخابية تشتد داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي، بين حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو وتحالف «أزرق- أبيض» بزعامة بني غانتس، في ثلاث جولات طاحنة من الانتخابات، استخدمت خلالها جميع الوسائل الممكنة، لتحصين مكانة «نتنياهو»، وضمان ولاية جديدة له في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، تقيه السجن الذي فتحت أبوابه أكثر من أي وقت مضى، في ظل تصاعد الدعوات لمحاكمته، بتهم الفساد، ما أعطى «نتنياهو» سببا إضافيا لخوض هذه المعركة، بدهاء وحذر متوازيين، خاصة وأن الجنرال الخصم، يتمتع بشعبية، ظهرت نتائجها في صناديق الاقتراع، فكانت الهدية الامريكية المتمثلة بـ«صفقة القرن» وما تتضمنه من مجزرة بحق الشعب الفلسطيني، وأرضه وحقوقه الوطنية، السلاح الأقوى والورقة الرابحة، التي أجاد نتنياهو اللعب بها واستخدامها، في الداخل الإسرائيلي، وعلى صعيد الجاليات واللوبيات الصهيونية، خاصة في الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا، مستفيدا من العلاقة الوثيقة، التي تربطه بفريق المسيحية الصهيونية، الذي يحيط بالرئيس ترامب، وعلى وجه الخصوص جاريد كوشنير ومايكل بومبيو.

كانت ورقة الضم، فرض السيطرة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الفلسطينية، وتحويل الشعب الفلسطيني إلى مجموعات سكانية، تعيش في معازل، مقطعة الأوصال منزوعة السيادة  لصالح السيطرة الإسرائيلية، التامة على كامل الأراضي من النهر إلى البحر، ومنع قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، هي «الجوكر» الذي ركب على خطى نتنياهو-غانتس، وأدى إلى ولادة «حكومة الوحدة»، التي أنقذت دولة الإحتلال، من جولة انتخابية جديدة، كانت وبحسب مراقبين، سوف تسيء لصورة دولة الاحتلال أمام الرأي العام العالمي.

وعليه أصبحت خطة الضم، التي ذكرها نتنياهو في معظم خطاباته ولقاءاته الصحفية، وبرامجه الانتخابية، واقعا محددا في تاريخ جديد، أضيف إلى الروزنامة الفلسطينية، بتاريخ الأول من تموز، والذي سوف تكون القضية الفلسطينية والمنطقة بعده ليس كما قبله.

في المقابل، اتخذت السلطة الفلسطينية قرارات، اعتبرت من قبل مراقبين، «خطوة إلى الأمام» لكنها غير كافية ، إذ سبق وأن اتخذت قرارات، في دورات سابقة للمجلس المركزي ذات مدى سياسي أبعد وأقوى وأكثر جذرية لكنها المجلس الوطني الفلسطيني (30/4/2018)، بقيت معلقة، وقوبل الإعلان الرسمي بتحلل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية من جميع الاتفاقيات مع «دولة الاحتلال» و الإدارة الأمريكية، باستخفاف من الجانب الإسرائيلي، بل تصاعدت حدة التهديدات الإسرائيلية، خاصة في التنفيذ العملي لفرض السيطرة، وضم أجزاء واسعة من الضفة الفلسطينية المحتلة، وغور الأردن، بما يشمل جميع المستوطنات.

لم يعد خافياً، جدية المشروع التصفوي، الذي بدأته الولايات المتحدة الأمريكية، وحكومة اليمين الإستيطاني في فلسطين، ولم يعد خافيا جدية مشروع الضم، الذي ينال من جميع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ويضع المنطقة بأسرها في مأزق، خاصة وان مشروع الضم، لا يستهدف فقط الشعب الفلسطيني، بل تمتد تداعياته إلى المحيط والإقليم، وهو ما عبر عنه بشكل رسمي، العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، حين اعتبر مشروع الضم تهديدا للأمن القومي الأردني.

لا شك أن ما بعد التاريخ المعلن لمشروع الضم، ليس كما قبله، إن كان على صعيد التطبيق الفعلي لهذا المشروع، وانعكاساته على المستوى الفلسطيني، وإن كان على صعيد الداخل الإسرائيلي، الذي قذف بقارب نجاة نتنياهو الذي وجد نفسه يغرق شيئاً فشيئاً في بحر الاتهامات والدعوات القضائية.

خطوات ملحة

 وعلى الصعيد الفلسطيني، التعامل مع مشروع الضم، لا يحتمل أي مجال لمراوغة، أو رهان فاشل على تغيرات سياسية إقليمية أو دولية، يضع هذا المشروع الكل الفلسطيني، أمام تحد تاريخي، لتجاوز مجمل الأزمات التي اقحمت بها القضية الفلسطينية، وتجاوز الممارسات السياسية الفاشلة، والإنقسام الدامي بين فتح وحماس. ما يفرض ضرورة مستعجلة لإنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية، واستنهاض كامل عناصر القوة الفلسطينية، وفي مقدمتها المقاومة الشعبية بكافة أشكالها، تسلح الشعب الفلسطيني، ببرنامج نضالي وطني موحد، يواجه ميدانياً، جميع هذه الخطط الهادفة إلى نسف قضيته الوطنية.

وعلى الصعيد الدولي، يقف العالم اليوم، أمام تحد خطير، تواجه فيه المنظومة الدولية، امتحان الشرعية والوجود، وتجربة تطبيق القانون الدولي، فعلى الدول، أن تعي جيدا أن نسف القرارات الدولية والتنكر للجهود، التي هدفت إلى انجاز تسوية متوازية، هذا الصمت العالمي سينعكس سلبا على العلاقات الدولية، وسوف يؤسس لآلية عمل جديدة، يكون مبدأ القوي يأكل الضعيف حاضراً في جوهرها، ما يتطلب تحركاً دولياً حقيقياً، لوضع حد لهذا التغول الإسرائيلي، ولاتخاذ خطوات عملية، تتعامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، على أنها دولة مارقة ودولة آبارتهايد وتمييز عنصري ما يتطلب نزع الشرعية عن الإحتلال وعزل دولة إسرائيل العنصرية، وإحالة جرائم الحرب التي ارتكبتها إلى محكمة الجنايات الدولية.

إن الروزنامة الفلسطينية، التي يصر على كتابة تاريخها الإحتلال الإستعماري الإستيطاني، مدعوماً من الإدارة الأمريكية تتطلب مواجهتها استراتيجية نضالية وطنية فلسطينية، وتضامناً عربياً وعالمياً، بحيث يعيد الشعب الفلسطيني، كتابة تاريخه المستقبلي، وفقا للحلم الوطني.

* قيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ـ بيروت:

 

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات