الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

اللبناني والفلسطيني.. نجاح في الخارج وفشل في الوطن

  • 21:52 PM

  • 2019-10-26

حافظ البرغوثي*:

ذات سنة.. في العاصمة السلفادورية سان سلفادور أثناء الاحتفال بإطلاق اسم ياسر عرفات على أحد الميادين إلتقيت بأربع شخصيات، الأول رجل تسعيني من بيت جالا يحمل إكليلا من الورد يريد وضعه قرب تمثال نصفي للزعيم الراحل ياسر عرفات، ويمتلك سلسلة مولات في أمريكا الوسطى. والثاني رجل طويل القامة وسيم أنيق قيل إنه من أكثر الشخصيات المؤثرة سياسيا واقتصاديا في الدومينيكان، حتى أن محاميه هو الرئيس نفسه آنذاك، وهو من قرية الزاوية غرب سلفيت. والثالث قنصل نيكاراغوا، وهو أصلا من قرية ديرغسانة، لكنه درس في كوبا ثم انتقل الى نيكاراغوا حيث عمل في السلك الدبلوماسي وصار قنصلا وتزوج السفيرة. والرابع رجل أعمال من قرية عابود، أصلا يترأس الجالية الفلسطينية وعددها 70 ألفا هناك وتسيطر على ثلثي اقتصاد السلفادور. وكان وزير الخارجية السابق في السلفادور من أصل فلسطيني أيضا آنذاك (وحاليا الرئيس من بيرزيت) لكنه رفض كرجل أعمال مرتبط باللوبي الأمريكي أن يعترف بدولة فلسطين، لكن الوزير الذي خلفه، وهو غير فلسطيني، أقنعته زوجته اليسارية بالاعتراف، وسمعتها تقول لمن حولها ضاحكة إنها هددته إن لم يعترف فستهجره في الفراش.

هذه المقدمة ضرورية لمناسبة الاحتجاجات اللبنانية الحالية على الفساد والضرائب والدين العام، حيث سيطرت على الأجندة الإعلامية الدولية حاليا، لأن اللبناني نجح في المهجر وفشل في وطنه. وقد اختط اللبنانيون نهجا تظاهريا جديدا لا يخلو من المرح والبهجة والتمرد على النمطية السائدة في التظاهر في عالمنا العربي القمعي، فقد قتل 150 عراقيا في احتجاجات ليوم واحد بينما لم يخدش أي لبناني رغم خدش الحياء العام لفظا بطريقة لا أخلاقية، الا أن اللبناني العاشق للحياة نجح في إيصال رسالته بقوة داخل وخارج بلاده دون إراقة نقطة دم واحدة، وكان اللافت أن المرأة اللبنانية لعبت دورا سواء كان استعراضيا أو لم يكن لكنها كانت بطلة المشهد.

وفي السياق نفسه أبرز الإعلام عالمة الفضاء الأمريكية فلسطينية الأصل نجود ميرانسي التي نشرت وكالة ناسا صورتها بزي مطرز تراثيا فلسطينيا، والعارضة الفلسطينية الأمريكية بيلا حديد، التي تمّ اختيارها كأجمل امرأةٍ في العالم، فالنجاح في الخارج للبناني والفلسطيني يواكبه فشل في داخل بلاده.

ففي عدة انتخابات كان هناك رؤساء من أصول فلسطينية ولبنانية في أمريكا الوسطى والجنوبية، وأحيانا يكون التنافس بين لبنانيين في بلد واحد أو فلسطينيين في بلد آخر على الرئاسة كما حدث في كولومبيا ذات سنة أو السلفادور مؤخرا. ورغم نجاحات اللبنانيين في أمريكا اللاتينية في كل المجالات حتى وصلوا الى سدة الرئاسة، الا أنهم فشلوا في بناء دولتهم الحديثة الخالية من الفساد، كما الفلسطينيين.

فالنظام اللبناني ما زال مثلما تركه الاستعمار الفرنسي، اقطاعيات طائفية متوارثة جيلا بعد جيل، والنظام الفلسطيني ما زال رغم حداثة تكوينه نظاما أبويا فصائليا ونسخة مكررة من نظام منظمة التحرير، أي نظام متحجر لا يتطور ولم يتخذ شكل دولة ضمن هيكيلية حقيقية دستورية.. وما زال يستورد الماء والكهرباء من الاحتلال ويرسل مرضى الأمراض المستعصية الى المشافي الاحتلالية، رغم أن أبرز أطبائها من الفلسطينيين، وقد أصيبت المشافي بضربة بعد وقف التحويلات إليها من قبل السلطة مؤخرا، لكن الأصل ليس استبدال المشافي الاحتلالية بغيرها في الخارج، بل ببناء مستشفيات جديدة لاستيعاب الحالات الحرجة، لأن تكلفة العلاج خارج فلسطين توازي تكلفة تجهيز مستشفيين سنويا. ولبنان ما زال منذ حرب تموز 2006 بلا كهرباء متواصلة، كما أنه غير قادر على استثمار ثروته البحرية من الغاز حتى الآن، رغم أن دولا مجاورة نجحت في ذلك، ربما لأنه لا يستطيع أن يجد مكبات للنفايات المنزلية وعاجز عن خلق مكب للنفايات البشرية الفاسدة والمفسدة، وهم عنوان المحتجين حاليا بغض النظر عن الطائفية التي سقطت في المظاهرات الشعبية الأخيرة. ونتمنى سقوط الفصائلية في فلسطين.

*"الغد":

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات