الجمعة 29 مارس 2024
العملة | سعر الشراء | سعر البيع |
---|---|---|
الدولار الامـريكي | 3.78 | 3.8 |
الدينــار الأردنــــي | 5.35 | 5.37 |
الـــيــــــــــــــــــــــــورو | 3.04 | 4.06 |
الجـنيـه المـصــري | 0.1 | 0.12 |
حاوره عزالدين المناصرة (دمشق، 1975)
حنا: عندما تنشب المعارك، بين الشعوب وأعدائها من المحتلين، يصبح الإنسان في قلبها تصبح هي أيضاً في قلبه. تصير رؤيا أساسية، لأنها أساس الواقع الذي يعيشه. وفي هذه الحال، ليس من كاتب أو فنان أو إنسان بقادر على أن يكون خارج الإطار، وأن تمر به معارك الحرية وهو في محترفه أو مكتبه أو برجه العاجي. شعوب العالم وقفت ضد النازية التهلرية. ويسمى الناقد (غالي شكري) أدب الحرب، بأنه "العناد الروحي الثقيل الذي يملك وحده صياغة وجدان المقاتل" وهذا "العتاد الثقيل"، كان له شأن كبير في المقاومة وفي النصر، الذي تحقق على النازية، حتى أن تاريخ الحرب العالمية الثانية، لا يمكن، بأية حال، فصله عن تاريخ الأدب الذي كتب خلالها. وقد منح أدب المقاومة في الحرب، من خلال (ايليا إهرنبورغ)، الكاتب السوفياتي، أرفع الأوسمة وأكبر التقدير. ففي 21 آب 1942، وجه قائد الفرق السوفياتية المدرعة، والأمر اليومي التالي الى فرقته: "نظراً للشعبية الواسعة التي يتمتع بها الكاتب ايليا إهرنبورغ في أوساط الجنود، وللأهمية السياسية الكبرى، التي تمثلها مقالاته المتألقة بالصمود والشجاعة وحب الوطن والاستهانة بالموت، واستجابة لرغبة منظمة الشبيبة في الفرقة، فإن الأوامر، قد صدرت بتسجيل اسم الكاتب في (لائحة الشرف) في الفرقة، في الفوج الأول المدرع". وهذا التكريم لأدب المقاومة في زمن الحرب، وباختصار لأدب الحرب، سنجد تعبيراً آخر له للشاعر السوفياتي سوركوف: (أخلص شهادة يحصل عليها الكتاب من قرائهم في زمن المعركة، هي هذه القصاصات، التي توجد في جيب سترته (قصاصة مكتوبة بالدم)، وإن هذه تحمل قصيدة لأحد الشعراء، هذا الواقع هو أروع شهادة بالنسبة لإنسان يكتب من أجل وطنه).
الأدب له صفة الشمولية تماماً، وقد ناقشت الدكتورة نجاح العطار في مقالها (تشرين والأدب)، هذه النقطة مناقشة جيدة، خلال الأيام الأولى، عن دور الأدباء في المقاومة، وعما إذا كان ثمة تعارض بين القول والفعل، وذلك على أثر الكلمة، التي وجهها توفيق الحكيم الى وزير الثقافة وطلب فيها أي عمل يفيد المعركة أكثر. وقد نفت الدكتورة العطار، أي تعارض بين الكلمة والفعل، واستشهدت بذلك الصدد بقول شاعر المقاومة بول إيلوار: "ينبغي أن تكون القصيدة متخذة معنى قيماً، فمن الضروري أن تتوافق المناسبة مع أكثر رغبات الشاعر، مع قلبه وفكره، ومع عقله... على المناسبة أن تتطابق والمناسبة الداخلية، كما لو أن الشاعر نفسه هو الذي أوجدها، فتصبح بهذا حقيقة كالزهرة التي يفتقها الربيع، كفرح الحياة ضد الموت. إن الشاعر يتبع فكرته، ولكن هذه الفكرة تقود الى أن يكتب نفسه على الخط البياني للتقدم الإنساني".
ثمة نماذج كثيرة معروفة للأدباء الفرنسيين، والسوفيات والأدباء من مختلف الشعوب، عن أدب المقاومة، يمكن لمن يشاء أن يرجع إليها، فيتأكد من شمولية وديمومة هذا الأدب.
• أثناء المعارك الوطنية، ينبثق فن يتسم بطابع النضال هل تعتقدون أن هذا الفن يحقق المعادلة بين التأثير الجماهيري والنضج الفني.
حنا: نعم، وبكل تأكيد، وأحسب أن الجواب الأول، قد أعطى الرد أيضاً على السؤال الثاني، إن روايات مثل "وداع السلاح" لهمنغواي، و"الدون الهادئ" لشولوخوف، و"أفول القمر" لشتاينك، وقصائد إيلوار واراغون، وفابتساروف وتفاردوفسكي، وكروسمان، وسيمونوف، وعشرات غيرهم، تقدم الدليل على أن عطاءاتهم الأدبية، حقق معادلة التأثير في الجماهير والنضج الفني.
• ما هو الأثر الذي أحدثته الثورة الفلسطينية في إنتاج الكتاب العرب؟ ما هي إيجابيات تجربتهم وسلبياتها. وما هي الوسيلة التي تكون أكثر فاعلية في العلاقة الجدلية بين الثورة والأثر الفني؟
حنا: كان للثورة الفلسطينية أدبها الثوري الفلسطيني، وهذا الأدب أثر في مجمل الأدب العربي منذ أواسط الستينات وما يزال، إن (شعر المقاومة في الأرض المحتلة)، وخارجها في (شعر الثورة الفلسطينية)، هو أدب مقاوم، ولكن قبل أن تقوم هذه الثورة وتتجسد المقاومة فعلاً، ما كان يمكن أن يكون هناك، أدب مقاوم. لقد (ارتفعت نبرة هذا الأدب حتى غطت كل النبرات الأخرى) في الأدب العربي، وكانت كمية أدب المقاومة، وخاصة الشعر، ومن قبل الشعراء الفلسطينيين في الأرض المحتلة، وفي الثورة الفلسطينية، وفيرة، باهرة، فاضت عن أوعيتها لتغدو زيتاً ملتهباً في أوعية الكتاب والشعراء العرب، وصار التعبير عن المقاومة في الأدب، هماً أدبياً بالنسبة للجميع، وإن ظل، من حيث النوع، أدب الكتاب الفلسطينيين هو الأرفع، وصاحب التأثير الأنفذ، والخميرة التي ستشيع النسغ الخميري في العجين كله، ليكون منه هذا الخبز المقدس لأدب المقاومة العربي كله. أما الحديث عن إيجابيات وسلبيات أدب المقاومة الفلسطيني، فلا يمكن الكلام عنه في سطرين، لذلك لن أجيب على هذا الشطر من السؤال، غير أنني أقول إن إيجابياته أكثر من سلبياته، خاصة عندما يلتصق بالجماهير ويعبر عن همومها وكفاحها وبطولاتها، بلغة شعرية تنبع من عفوية ونضالية الأديب، وليس انطلاقاً من التعقيدات والأشكال الشعرية الحداثية، المقصودة لذاتها، ولإبهار القارئ العلاقة بين الثورة والأثر الفني، علاقة جدلية من الطراز الأول، هي تمده بالمادة الخام، وهو يمدها بالمعاناة والإلهام، أي أن الثورة تكبر وتنفجر بالأدب المعبر عنها، والأدب يكبر ويتفجر بالثورة التي هي مادته.
• كيف يمكننا خلق (جبهة ثقافية عربية عريضة مشاركة) للثورة الفلسطينية؟ وما هو مفهوم المشاركة؟
حنا: مفهوم المشاركة في الثورة أن تكون في قلبها أو على صلة ما بها، لأنه بدون معاناة الثورة نضالاً وهماً، لا يمكن التعبير الأصيل عنها. ويمكن أن تأخذ منظمة التحرير الفلسطينية المبادرة في الدعوة الى ندوة للبحث في إنشاء جبهة ثقافية عريضة مشاركة للثورة.
• أين تقع مكانة الأدب الفلسطيني في الأدب العربي المعاصر؟
حنا: إذا كان المقصود بذلك أدب المقاومة الفلسطيني (حالياً)، فإن مكانه (يقع في الصدارة) في الأدب العربي في وقتنا الراهن، وقد كان له الفضل في شق الطريق لهذا النوع من الأدب، الذي يحمل جوهر القضية العربية، على اعتبار أن القضية الفلسطينية، هي جوهر القضية العربية أيضاً.
________________
• مجلة فلسطين الثورة، بيروت، العدد السنوي، 1/1/1976.
2023-05-21 | 17:12 PM
صور ثلاثية الأبعاد لحطام تيتانيك تحاول البحث في ظروف غرقها