الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

وليد علاء الدين:

إن لم يكن المسرح دعوة ذكية للتفكير فلا داعي له

حصد جائزة ساويرس لأفضل نص مسرحي في القاهرة

  • 23:32 PM

  • 2016-01-28

القاهرة - " ريال ميديا":

وليد علاء الدين، شاعر وكاتب مسرح وإعلامي مصري، وُلد عام 1973، ويعمل بالصحافة الثقافية العربية منذ عام 1996، ويشغل حالياً منصب مدير تحرير مجلة "تراث" الصادرة من أبوظبي منذ 2011. 

نال عدة جوائز، منها جائزة الشارقة للإبداع العربي، عن مسرحيته "العصفور"، وجائزتا أدب الحرب المصرية واتحاد كتاب وأدباء الإمارات في القصة القصيرة. 

له في الشعر "تردني لغتي إلي" 2004، و"تفسر أعضاءها للوقت" 2010، وفي المسرح "العصفور" 2006، و"72ساعة عفو" 2015، وفي أدب الرحلة "خطوة باتساع الأزرق" 2006، وفي النقد الأدبي "الكتابة كمعادل للحياة" 2015، وفي النقد الثقافي "واحد مصري - خطاب مفتوح لرئيس مصر" 2015.

له قيد النشر في المسرح "مولانا المقدَّم"، وتصدر روايته "ابن القبطية" قريباً، عن دار الكتب خان في القاهرة.

فاز علاء الدين بجائزة أفضل نص مسرحي (المركز الثاني) ضمن جوائز ساويرس الثقافية، التي تم توزيع جوائزها أول أمس الثلاثاء، في دار الأوبرا بالقاهرة، والنص الفائز بالمركز الثاني هو "72 ساعة عفو" الذي صدر أخيراً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. 

وفي هذه المناسبة كان لنا معه هذا الحوار: 

ما الذي يمثله لك فوزك بجائزة ساويرس لأفضل نص مسرحي؟ 
فزتُ بالمركز الثاني مناصفة، والفوز بجائزة ليس حكم قيمة على الأعمال، إنما هو حدث احتفالي جميل يلفت الانتباه إلى الكتابة وصاحبها، والحكم بعد ذلك – ودائماً - متروك للقارئ. 

في حالة المسرح تزداد أهمية الجائزة، وذلك لعدة أسباب أولها أن المسرح يكتمل بالعرض على الخشبة، وتزداد فرص ذلك عندما يفوز بجائزة. ثانياً، قرّاء النصوص المسرحية لا يضاهون عدداً جماهير قراء الأنواع الأدبية الأخرى - خاصة الرواية والقصة، لذلك فإن فوز نص مسرحي بالجائزة يضعه في دائرة اهتمام القراء.

أضف إلى ما سبق، شعورك بالرضا عندما تتضمن لجنة التحكيم أسماء مشهود لهم بالنزاهة والثقافة والخبرة في المجال، هذه الأمور في حد ذاتها جوائز، نحن في النهاية لا نكتب لأنفسنا - وإن كان الجزء الكبير من الرضا يتحقق خلال عملية الكتابة نفسها، إلا أن وصول ما نكتب إلى القراء – بمن فيهم أعضاء لجان التحكيم، وإلى المشاهدين – في حالة المسرح - هدايا لا يمكن مقاومتها. 

كيف تقيم مشهد الكتابة المسرحية العربية في السنوات الأخيرة؟
لا أدّعي الإلمام بالمشهد، ولذا فلا أستطيع التعميم، ولكن من وجهة نظري وفي حدود اطلاعي، فإن كتابة المسرح العربي حالياً تعاني عدة مشكلات؛ أولاً هي تكاد تكون محصورة في تيارين - عندي حساسية منهما كليهما - التيار الأول هو ذلك الملتصق دائماً بالأحداث التاريخية أو قصص التراث الشعبي لينطلق منها لبناء مسرحيته، وهي ثيمة نجحت كثيراً من قبل، وبلغت ذروتها مع المبدع الكبير سعد الله ونوس، لكنها كانت مناسبة لعصرها ولثقافة كاتبها فنجحت، وليس شرطًا أن تنجح دائماً. أما التيار الثاني فيشمل تلك النصوص التي تقتفي أثر مدارس الكتابة الغربية، وهي كذلك تنتج مسرحاً غريباً عن بيئته إلى حد كبير. 

مشكلة أخرى تسم الكتابة المسرحية العربية الراهنة، وهي الاعتقاد بأن النص المسرحي الجاد لابد وأن يكون متجهماً وخَطابياً، ولا أعرف من أين جاءت هذه الفكرة! تجد الكثير من النصوص المسرحية مجرد تلوين إنشائي خَطابي متعالٍ، يمكن اختصاره في جملة وعظ منبرية، أو تجدها تنويعاً على مقولة أخلاقية تشبه الدعوة والوعظ، وهو لون أيضاً كان يناسب عصر كتابته، ولكننا نخلط كعادتنا بين الريادة التاريخية ومدى مناسبة النصوص لعصورها. مشكلة أخرى وثيقة الصلة بأزمة التفكير في المسرح بعقلية وثقافة مختلفة عن الزمن تتجلى في كثرة النصوص المسرحية الطويلة، وكأن طول النصوص شرط لجودتها، وهو أمر في ظني يحتاج إلى كثير من المراجعة. 

شخّصتَ ما تعتبره مشكلات، فكيف يمكن تجاوزها، ما شكل الكتابة المسرحية التي تحقق تصورك هذا؟
المسرح الآن إن لم يكن دعوة ذكية للقارئ والمشاهد لكي يفكر مع الكاتب في ما يشغله ويحيره – أولًا - فلا داعي له. الناس في حاجة لحلقات تفكير جماعي وعصف ذهني لاستخلاص الأفكار وبناء الرؤى بشكل حقيقي، ولم يعودوا في حاجة إلى تلقين أو وعظ أو دروس.

على الكتابة بشكل عام – والمسرح في مقدمتها - أن تتخلى عن فكرة الأستاذية، وعلى الكاتب أن يفكر مع القارئ في ما يشغله بشكل حقيقي، لا أن يلقن القارئ خلاصات حكمته. 

في اعتقادي أن مراجعة هذه الإشكاليات السابقة بشكل مخلص ومحاولة كتابة مسرح يشبهنا ويتسق مع عصرنا، كفيلة بإعادة المسرح إلى الوجود، ومنافسة مسرح التياترو والمسرح التجاري والسذاجة التي يتم تقديمها باعتبارها مسرحاً هذه الأيام. 

وإلى أي حد ينطبق ذلك على نصوصك، بالتمثيل بـ "72ساعةعفو"؟
هذا سؤال منتَظر بعد تفلسفي السابق، كتبتُ الكثير من النصوص المسرحية ولكني لم أنشر منها سوى ما رأيتُ أنني تجاوزت فيه مرحلة التدريب، على ما قلته لك منذ قليل. 

ليس معنى ذلك أنني أدعي التخلص من كل المشكلات، أو أنني أكتب مسرحاً هبط من رحم آخر لم يلد آلاف النصوص والتجارب، ولكن أدعي على الأقل أنني أعي ما تحدثتُ عنه من مشكلات وأعمل للتخلص منها، كما يعمل كثيرون بحب والتزام.

المنطلق الرئيسي لكتابة نص (72 ساعة عفو) كان حالة الفراغ الأمني التي حدثت في مصر في أعقاب قيام ثورة 25 يناير، وما دار من جدل كبير حول أن الناس سوف يقتلون بعضهم البعض.

أذكر في تلك الأيام نقاشاً دار بيني وبين الكاتب الجزائري الصديق خالد بن ققه، أعرب خلاله عن خشيته أن تدخل مصر في نفق الإرهاب الذي دخلته الجزائر من قبل، وأن يقتل الناس بعضهم البعض . . .، كنت أرى الفكرة ضرباً من الخيال في مصر لأنني أرى مصر – ليس من منصة التفكير والتنظير- وإنما من خلال الشارع الذي أعيش فيه في المدينة الصغيرة التي نشأت فيها، فليس من المعقول لمجرد انسحاب الأمن أن أُلقي تحية الصباح على جاري كالعادة فيرد صباحي بشتيمة، أو أن أذهب لشراء ربطة فجل من بائعة الخضروات المعتادة فتسبني بدلاً من دعاءها المعتاد لي بالبركة الذي تظل تردده على مسامعي حتى أغيب عن الشارع، أو أن يُطلق جاري النار على رأسي لمجرد أن الأمن غير موجود بحجة أننا اختلفنا ذات يوم على نظافة الشارع . . .، تجادلنا كثيراً فقال لي صديقي: لن يعدم الناس مبرراً للقتل، ومضى. 

ظلت الفكرة في رأسي إلى أن خرجت الكتابة، فالمسرحية تفترض أن دولة ما حصلت على جائزة أكثر الدول أماناً، وفق تقارير تقول إن معدل الجرائم فيها منخفض وأنه لا جريمة قتل واحدة حدثت خلال ثلاث سنوات، ينقل وزير الأمن الفكرة للحاكم في حضور وزيري العدل والثقافة وغيرهما، فيتبارى الجميع لمنافقة الحاكم باعتبار أن الجائزة نتيجة لعدله وحكمته مع محاولة كسب الفرصة لصالحه؛ فوزير الأمن يرى نفسه الأجدر، بينما وزير الثقافة يغازل بوزارته، ووزير العدل يرى أن العدل أساس الأمر، من واقع جدلهم هذا تطرأ في عقل الحاكم فكرة فانتازية وهي أن يختبر الأمر عملياً، فيصدر على الفور قانوناً بإيقاف عقوبة القتل لمدة 72 ساعة، وتمضي المسرحية بعد ذلك في استعراض مواقف العديد من فئات المجتمع، وكيف استقبلوا الفكرة بداية من مؤسسات السلطة الدينية مروراً بالأفراد العاديين وفق ثقافاتهم وبيئاتهم الاجتماعية، وكيف فكّر كل واحد في الاستفادة من فرصة قتل بلا عقوبة. 

حوار :24 – هشام يحيى:

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات