الثلاثاء 19 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

الكاتب الأردني القلاب: وحدة "فتح" الأهم... و«"حماس" إخوانية دولية!

  • 15:57 PM

  • 2019-01-31

عمان – صالح القلاب*:

لا جدوى إطلاقاً من استضافة موسكو حواراً بين حركتي «فتح» و«حماس».. و«فصائل» أخرى، ولا فائدة في «اقتراح» قطري مماثل ربما أن هدفه تعميق الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية؛ فالمشكلة بين السلطة الوطنية ومنظمة التحرير وبين حركة المقاومة الإسلامية ليست مجرد تباعد في وجهات النظر ولا خلافاً على «المحاصصة» في المواقع العليا الرسمية وغير الرسمية، وإنما هو صراع وجود بين طرفين، أحدهما عملياً هو الإخوان المسلمون، بتنظيمهم العالمي وبتأييد من ثلاث دول هي تركيا، وقطر، وإيران، يريد تدمير الحالة الفلسطينية التاريخية وبكل إنجازاتها وكل أطرافها، وجعل قطاع غزة هو دولة الفلسطينيين المنشودة وبالتفاهم مع إسرائيل، وحتى في عهد بنيامين نتنياهو، وعلى أساس «صفقة القرن» التي كان طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لكن من دون إيضاحات كافية.

لقد بات مؤكداً وواضحاً ومعروفاً وبعد تجربة أكثر من ثلاثين عاماً، بقي الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) خلال معظمها «يطارد» حركة «حماس» من مكان إلى مكان آخر لإقناعها بضرورة الانضواء في منظمة التحرير، وكان قد عرض عليها أن يكون لها ثلث أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، أي أكثر من ضعف ما لـ«فتح» رسمياً في هذا المجلس، لكنها بقيت تناور وتساوم وترفض خلال كل هذه السنوات الطويلة، وإلى أن ظهرت على حقيقتها بعد قيامها بانقلابها الدموي في عام 2007.

ولعل ما يجب التذكير به في هذا المجال هو أنه برعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز، يرحمه الله، قد تم في عام 2007 إبرام اتفاق بين «فتح» ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية من جهة وبين «حماس» من جهة، وقد وقَّع على هذا الاتفاق نيابة عن الطرف الثاني كل من خالد مشعل وإسماعيل هنية، لكن حركة المقاومة الإسلامية ما لبثت تحت الضغط القطري و«الإخواني» والإيراني والتركي أيضاً، أن تخلت عن هذا الاتفاق، وقامت بانقلابها الدموي المعروف في قطاع غزة بعد نحو أربعة شهور من التوقيع عليه.

ثم، ومع أنه قد اتضح وعلى نحو نهائي وقاطع أن هذه الحركة قد أسسها الإخوان المسلمون، بعد اثنين وعشرين عاماً من انطلاق الثورة الفلسطينية، لتكون بديلاً لـ«فتح» ومنظمة التحرير والفصائل الأخرى، فإن أبو مازن قد استجاب للرغبة المصرية وقبِل باستمرار التفاوض معها مجدداً في جلسات ولقاءات متعددة في القاهرة، لكن من دون أي جدوى ومن دون أي تقدم، وكل هذا في حين أن «حماس» قد استمرت في إجراءات استكمال سيطرتها على قطاع غزة وإلغاء أي وجود للسلطة الوطنية فيها، وقد صحب هذا كله سلسلة اعتقالات وعمليات بطش وتنكيل كتلك التي دأبت إسرائيل على القيام بها في الضفة الغربية.

وعليه؛ فقد تأكد وعلى نحو قاطع وبصورة نهائية، أنه لا أمل إطلاقاً في أي تفاهم مع هذه «الحركة» التي ثبت أن قرارها ليس في يدها وإنما في يد التنظيم العالمي «الإخواني» وفي يد الشيخ يوسف القرضاوي، وقبل ذلك في يد قطر، وأيضاً في يد الرئيس رجب إردوغان الذي – وللأسف - كان هناك تعويل جدي على أن يلعب دوراً إيجابياً في هذه المنطقة كلها، وألا يجعل دولة بحجم تركيا ومكانتها مجرد برغ صغير في الآلة التآمرية الإخوانية... وللأسف.

ولذلك؛ وانطلاقاً من هذا كله، فإنه لا أمل إطلاقاً في إمكانية أن تغير حركة «حماس» مواقفها هذه حتى وإن هي استجابت للدعوة الروسية التي رحب بها الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وبحرارة، ورحبت بها بالطبع كل من الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية اللتين لا تزالان تخيطان بمسلة قديمة هي المسلة «الماركسية - اللينينية» التي سقطت بسقوط الاتحاد السوفياتي، وأصبحت هناك هذه الدولة التي على رأسها «الرفيق سابقاً» فلاديمير بوتين وليس فلاديمير لينين!!

والمعروف هنا، أنَّ روسيا كانت قد وجهت دعوة إلى رئيس حركة «حماس» الجديد إسماعيل هنية لزيارة موسكو، لكنها ما لبثت أن تخلت عن هذه الدعوة و«ألغتها»، ويبدو أنها استبدلتها بهذه الدعوة الجديدة التي شملت حركة «فتح» ومعها الفصائل الفلسطينية الأخرى كلها التي لا توجد أي مشكلة بينها وبين حركة «فتح» ولا بينها وبين منظمة التحرير والسلطة الوطنية، والمقصود هنا هو الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، وبالطبع ليس جبهة أحمد جبريل ولا الجبهة العربية ولا «الصاعقة» السورية، ولا جبهة النضال الشعبي، وليس ما يسمى الجبهة الفلسطينية.

إنه لا خلاف إطلاقاً على أن لحركة «فتح» ولرئيسها، الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، مكانة مميزة لدى موسكو ولدى هذه القيادة الروسية، ولعل ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذه المكانة بقيت مستمرة ومتواصلة منذ تلك الفترة التي غدت بعيدة جداً، عندما اصطحب الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ياسر عرفات (أبو عمار) معه في زيارة إلى موسكو السوفياتية في عام 1968، وحقيقة أن الاتحاد السوفياتي بقي داعماً للفلسطينيين ولمنظمة التحرير الفلسطينية، إن بالمواقف وإن بالسلاح خلال فترة طويلة، وبخاصة خلال حرب بيروت في عام 1982.

في كل الأحوال، إن المعروف أن «حماس» هذه قد بقيت، منذ إنشائها في عام 1987، تعتبر نفسها حركة «إخوانية» دولية وأكثر كثيراً مما هي فلسطينية؛ وهذا يعني أنه على «فتح» أن تركز كل اهتمامها على شؤونها الداخلية، وأن تستعيد وحدتها كاملة وغير منقوصة، وبخاصة أن (الأخ) محمد دحلان (أبو فادي) كان من أقرب رموز الصف الثاني إلى الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وإلى حدٍّ أن هناك من كان اتهمهما بأنهما حاولا معاً «المشاغبة» على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار)، يرحمه الله.

والمعروف أن هذا «الشرخ» المستجد في حركة «فتح» كانت قد سبقته محاولات انشقاقية وانقسامية فعلية كثيرة، من بينها انشقاق صبري البنا (أبو نضال)، الذي كان لحساب النظام العراقي، إن في عهد أحمد حسن البكر وإن في عهد صدام حسين، وانشقاق أبو موسى وأبو خالد العملة، وأيضاً نمر صالح (أبو صالح) ذلك الانشقاق الذي جاء لاحتضان حركة «فتح» وإضعاف أبو عمار ومنظمة التحرير بعد الخروج من بيروت في عام 1982 بينما كانت هناك محاولات جادة لحل القضية الفلسطينية سلمياً، وكانت هناك «قمة فاس» الثانية التي كان حضرها حافظ الأسد، وكان هو الوحيد الذي لم يشارك القادة والرؤساء العرب استقبالهم عرفات في مطار هذه المدينة المغربية التاريخية بعد خروجه من بيروت، التي كانت قد صمدت أمام الغزو العسكري الإسرائيلي لنحو ثلاثة شهور متلاحقة.

إن المقصود هنا هو أنَّ المحاولات الانشقاقية السابقة التي افتعلت ضد أبو عمار كانت أكثر خطورة مما قام به محمد دحلان (أبو فادي) الذي لا يزال يعتبر نفسه وكل من هم معه داخل الأطر الفتحاوية وداخل منظمة التحرير، وأيضاً داخل السلطة الوطنية؛ مما يعني أنه من السهل على الرئيس أبو مازن، صاحب الخبرة الطويلة في هذا المجال، والذي كان من بين الأكثر حرصاً على وحدة هذه الحركة أن يرتق هذا الشرخ، وأن يستعيد «أخاً» كان من بين أقرب المقربين إليه، وبخاصة أن الوضع الفلسطيني يمر بهذه المرحلة الحرجة، وأن «حماس الإخوانية» منخرطة في مؤامرة جديِّة باتت واضحة ومعروفة عنوانها: «صفقة القرن» والدولة الفلسطينية المنشودة وفي قطاع غزة وحده.

عن الشرق الأوسط:

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لموقع " ريال ميديا "

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات