الخميس 28 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

فوضى كارثية في غزة

  • 15:58 PM

  • 2017-11-10

جدعون ليفي * 

ليس هناك راحة للنفس منذ يوم الجمعة الماضي. محادثة اييليت شني مع الاخصائي النفسي الاسرائيلي محمد منصور التي نشرت في ملحق "هآرتس" في 3/11، هي من الوثائق المخيفة والمؤثرة التي نشرت هنا مؤخرا. لو أن اسرائيل كانت مجتمعا اخلاقيا وليست قومية مغسولة الدماغ لكانت عتبتها قد اهتزت. كان يجب أن تكون تلك هي حديث اليوم، عاصفة اليوم. على بعد ساعة سفر من بيتنا تحدث كارثة انسانية؛ كارثة انسانية، كارثة اسرائيل هي المتهمة الرئيسة بها، وان لم تكن الوحيدة – واسرائيل تنشغل في اليكس جلعادي (المتهم بالتحرش الجنسي).

منصور عاد من زيارة في غزة في اطار تطوعه في جمعية "اطباء من اجل حقوق الانسان"، وهو مختص في الصدمة النفسية، ووصفه لما شاهده وسمعه في الزيارتين الاخيرتين له لا يترك أحدا لامباليا، لا في اليمين ولا في اليسار، فقط القليل من الانسانية مطلوب من اجل أن تهتز. أكثر من ثلث الاولاد الذين قابلهم في مخيم جباليا هم ضحايا اعتداءات جنسية، وآباءهم يخوضون حرب بقاء ويغرقون في الصدمة النفسية والاكتئاب، وهم غير قادرين على الدفاع عنهم. في غزة لا يمكن فصل الاولاد وآباءهم عن مصادر صدمتهم، لأن الصدمة النفسية لم تنته ولن تنتهي؛ البالغون والاطفال يعيشون في ألم فظيع. الجميع غير معافين نفسيا في غزة. فوضى، هذه هي الكلمة.

منصور يصف فوضى كارثية، ومجتمع في طور التفكك، ضياع، سكان غزة الذين تميزوا بالقدرة على الصمود العجيب، بمعنوياتهم المرتفعة، بالتضامن الذي أظهروه في العائلة، في القرية، في الحي والمخيم، بعد كل الضربات التي تعرضوا لها، لاجئون، أبناء لاجئون وأحفاد لاجئون يتحطمون. منصور يصف حرب البقاء كحرب الجميع ضد الجميع. الادمان على مسكن الألم كان الملاذ الاخير. لم يبق أي شيء من غزة التي عرفناها، لا يوجد شيء يذكرنا بغزة التي احببناها. "سيكون من الصعب اعادة الانسانية الى غزة. غزة هي جهنم"، قال منصور.

إن وصف الاخصائي النفسي من قرية المشهد قاس مهما كان، يجب ألا يفاجيء أحد، كل شيء يجري حسب قواعد الكتاب، كتاب التجارب الكبير على البشر. هذه هي النتيجة الوحيدة الممكنة لحبس 2 مليون مواطن في قفص كبير على مدى أكثر عشر سنوات دون مخرج ودون أي أمل.

الحصار على غزة هو جريمة حرب كبيرة من الجرائم التي نفذتها اسرائيل في أي يوم. هذه هي النكبة الثانية المخيفة، بل الاكثر اخافة من سابقتها. هذه المرة لا تشفع لاسرائيل تبريرات الحرب وهروب العرب. وحتى الذرائع الامنية المبالغ فيها لم تعد تستطيع اقناع أحد، باستثناء الاسرائيليين المحرضين ضد غزة. فقط ليس لديهم مشكلة اخلاقية بوجود قفص انساني على حدودهم. فقط يوجد لديهم ألف تبرير واتهام لكل العرب، عدد منها كاذب، مثل ادعاء أن حماس وصلت الى السلطة بالقوة، أو أن صواريخ القسام بدأت بعد الانفصال عن غزة، كل ذلك من اجل اسكات الضمير الساكت اصلا – لأن الامر يتعلق بعرب.

الامر يتعلق بغزة. الامر يتعلق بالبشر. الحديث يدور عن مئات آلاف الاولاد والاطفال الذين ليس لهم حاضر أو مستقبل. ويدور الحديث عن ضحايا انسانيين، مصيرهم لا يهم أي أحد. في فترة الهدوء بين هجوم وحشي لاسرائيل وهجوم آخر، فان إدراك الدمار الذي تسببت به عبثا ولم تتم اعادة اعماره، فغزة تفوق التوقعات الاكثر سوءاً. الامم المتحدة قالت إنه في 2020 سيتحول قطاع غزة الى مكان لا يصلح العيش فيه. ويتبين أنه في 2017 غزة هي جهنم.

اسرائيل منذ عقد لا تسمح لأي صحافي اسرائيلي بالدخول الى غزة – كي توفر على الاسرائيليين الازعاج البسيط الذي يمكن أن يتسبب مما سيشاهدونه. متطوعو "اطباء من اجل حقوق الانسان"، من العرب فقط، هم الاسرائيليون الوحيدون الذين ينجحون في الدخول الى غزة. تقرير منصور هو تقرير مهرب من الغيتو. من المسموح مقارنة غزة بالغيتو، برأس محني وصوت صارخ تجب المقارنة. غزة هي غيتو والعالم يصمت.

* هآرتس :

موقع أطلس:

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات