الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

وداد نبي:

لا أحد ينجو من الحرب إلا بالحب

المرأة الكوبانية أعادت رسم الكثير من البديهيات

  • 02:42 AM

  • 2016-01-17

دمشق - " ريال ميديا":

"طالت الحرب أيّها الشعر، نزحنا صوب الخراب، تاركين وراءنا أشجار المقابر الوحيدة وسجاجيد جدّاتنا الملوّنة، كنا هشّين أكثر من آهة عجوزٍ منسيٍّ على رصيف الغربة، لم نملك الأمل الكافي لنصرخ في وجه الحرب، ونقنص من رئتها مدنَنا وقصائدَنا والحبَّ الذي خلّفناه".

بهذا المقطع من النص الشعري "طالت الحرب" للشاعرة الكردية وداد نبي، وغيره من النصوص الشعرية لها، نسجت معاناة الحرب في سوريا خاصةً قريتها بكوباني، في تجربتها الشعرية التي ترصد معاناة المرأة الكردية في كوباني وغيرها، ومحاولة استعادة أحلام الطفولة وبراءتها من براثن الحرب وويلاتها، تكتب نصوصها الشعرية لتحكي للعالم عن الوطن الذي كان، والأهل الذين تفرقوا، والذكريات التي ما زالت شاخصة أمام عينيها، تكتب دون ضجيج أو صخب وكأنها تهمس في أذن قرائها بنصوص شعرية تحكي عن الحب والحرب، للتعرف أكثر على ملامح تجربتها الشعرية كان لـ 24 معها هذا الحوار.

كيف تأثرت شاعريتك بنشأتك في كوباني السورية ثم الانتقال لحلب؟
ـ القرى الصغيرة التي نكبر فيها لا ننتبه لما تتركه فينا من أثر إلا بعد سنوات طويلة، يشبه الأمر مجرى نهر كان موجوداً ومن ثم جف، لكن أثر الماء بالأرض يبقى ولو بعد زمن، بسنوات الطفولة الأولى تنقلت ما بين قريتي وقرية جدتي لأمي وكلاهما في جنوب شرق كوباني هناكَ عرفت معان كثيرة، شكلتني فيما بعد علاقة الإنسان القروي بالأرض، بالمطر، هي المعنى الأدق لمفردة الانتظار التي عشتها في الحياة والشعر، لكل شيء وقت، مالم يكتمل الوقت، لا فائدة من كل الصراخ والضجيج.

في حلب كان الأمر مختلفاً جداً، المدن الكبرى صاخبة ، لاصبر لها، عجولة كثمرة اللوز، تريد أن تكبر على عجالة، تمعن بتلقينك دروس الانفصال عن القرية التي أتيت منها، غاوية، لا تحتمل طبيعة القروي فيكَ، تنحاز لها في كثير من الأحيان، لكنك مع الزمن تشعر أن علاقتك الأولى بالمكان الأول الذي أتيت منه أقوى، هناك حيثُ "جرحت ركبتكَ أول مرة" كما كتب مرة الشاعر حسين بن حمزة، حقيقة كنت ولا زلت اشعر بالحزن حينما يخبرني أحد الأصدقاء أنه "لا قرية له"، أقول إذاً، لا خزان أسرار في الشيخوخة سيكون له.

بداية كتابتك كانت رسائل في سن السابعة، لمن كانت هذه الرسائل؟ وهل تتذكرين مضمونها؟
آه.. أذكر جيداً لمن كانت، لصديقة مقربة مني في المرحلة الابتدائية، اسمها "هاجر" أتذكر الاسم الأول فقط، ربما لأنها كانت ابنة شيخ جامع، رددت على مسامعي وأنا طفلة قصة "النبي إبراهيم وزوجته سارة وزوجته الثانية هاجر وابنهما إسماعيل"، كانت تردد أن اسمها هو من تلك الحكاية، أحببت هاجر كثيراً، هاجر التي في الحكاية وهاجر صديقتي، كانت طفلة حكاءة، تسرد لي الكثير من القصص التي تسمعها من والدها، وحينما انتقلت من المدرسة بمنتصف العام الدراسي حزنت لأجلها كثيراً وكتبت لها أولى رسائلي، لا أذكر ما كتبته، المؤكد كانت رسائل طفلة متعلقة بصديقتها التي كانت سراً من أسرار الطفولة .

أول نص أدبي قمتِ بكتابته كان قصة في المرحلة الثانوية، فلماذا اتجهتِ للشعر بعد ذلك؟
القصة التي كتبتها كانت تحت تأثير قراءاتي للكثير من الكتب (الرواية، والقصة القصيرة) فأرة كتب كنت، كما أن أساتذتي في المدرسة الذين قرؤوها شجعونيعلى كتابة القصة، علماً أنه كانت لي الكثير من محاولات كتابة الشعر، لكن للحقيقة كانت خواطر بائسة، شعرت أن لغتي في السرد القصصي كانت أقوى وبقيت أكتب القصة حتى فترة لابأس بها، لكن فضاء الشعر بقي في مخيلتي، الفضاء الذي أحلم بنفسي فيه أكثر، كان الحب من الدوافع القوية التي حرضتني على العودة لكتابة الشِعر، جعلني أحفر في تلك الأرض النائية التي كانت تثير خيالي دوماً ..الشِعر ..لا أجمل من هذه الأرض بالنسبة لعاشقة.

حدثينا عن أول قصيدة نشرت لك، وكيف كان شعورك وقتها؟
صراحة، لا أذكر أول قصيدة أين نشرتها ولا حتى ماذا كانت مشاعري حينها، فقد كنت أنشر على صفحتي في فيس بوك لمدة لابأس بها قبل أن أنشر في أي موقع أو جريدة أو مجلة، لكن أول قصة نشرتها كانت في ملحق الثورة الثقافي، وحتى هذا اليوم أتذكر الضوء الذي أحاطَ بي، كان الأمر كالمطر الذي ينزل في الوقت المستنفذ الأخير لموسم الزراعة، رغم أن عمري كان حينها 19 عاماً فقط.

صدر ديوانك الأول "ظهيرة حب.. ظهيرة حرب" في حلب عام 2013 تحت القصف، كيف ترين هذه التجربة؟
تجربة أشعر بحيالها بالسعادة لأنها كانت تجربة لابد أن تعاش ، لابد أن تُكتب، ما عشته في البلاد من لحظات كسر الخوف، بدايات الثورة، ومن ثم كل تلك المخاوف من الاعتقال، الألم على المدن التي كانت تدمر أمامنا، البراميل والقصف التي سرقت حياة السوريين، تلك التجربة القاسية هي التي افرزت نصوص "ظهيرة حب .. ظهيرة حرب".

رغم أني لست راضية تماماً عن السوية التي كتبتُ بها تلك النصوص، وأعتقد أني تسرعت في موضوع النشر حينها، لكنني أكرر دوماً، كان لابد منها، فلكل شيء وقت.. وقت حتى تكتمل التجربة.

الحرب والحب دائماً ما يكونان حاضرين في شعرك.. فما العلاقة بينهما من وجهة نظرك؟
الحب وجد قبل أزمنة الحروب بكثير، حينها لم يكن بحاجة لأحد ليدافع عنه فهو لم يكن مهدداً حينما اخترعت الحروب وأصبحت تمد برأسها في حياتنا، تغلق كل النوافذ، وغبار أحذية الجنود والمدافع والطائرات تسد كل المنافذ في حياتنا بتنا أشد تمسكاً بالحب، هو الخلاص لمواجهة البشاعة التي تزرعها الحرب فينا، لمواجهة القسوة التي تغلف ملامحنا، لا أحد ينجو من قذارة الحرب إلا بالحب، الحرب "صراع" هائل وإذا لم نتسلح بالحب في مواجهته خرجنا منها مشوهين بالكامل ..الحرب قذرة، قذرة فوق المتخيل.

كيف ترين حضور المرأة الكوبانية في كتاباتك وهي تواجه الإرهاب بقوة؟
ـ كتبت نصوصاً لكوباني ونشرتها في ملحقي جريدتي المستقبل والنهار اللبنانيتين، وحينما أعيد قراءة تلك النصوص، أجد أن حضور المرأة كان أقوى من المدينة بحد ذاتها في تلك النصوص، كنت منبهرة كغيري بما تفعله هذه المرأة، المرأة التي تترك أطفالها وتحمل السلاح بقوة لتدافع عن مدينتنا.

المرأة الخارجة من "الصندوق" الفكري المنغلق لمجتمعاتنا والتي تقاتل أسوة بالرجل للدفاع عن مدينتها، هذه الصورة "للمرأة المقاتلة الكردية" استطاعت أن تعيد رسم الكثير من البديهيات في مجتمعنا الشرقي عموماً، وأحاول قدر الإمكان ألا أتعامل مع صورتها كرمز وأيقونة، أحرص على تحطيم الرمز وتأصيل الجانب الإنساني في تلك الصورة ومن عرف وعايش النساء في كوباني، سيعرف أن المرأة الكوبانية لم تواجه الإرهاب فقط بحمل السلاح، إنما بحملها كل أعباء عائلتها أثناء النزوح الكبير من كوباني لتركيا، المرأة التي عادت بعد خروج داعش من المدينة لبيتها وأعادت زراعة أصص الزهور في منزلها رغم عدم يقينها أنها ستبقى بسبب الحرب الدائرة هناك، هذه المرأة هي التي تعنيني أكثر بكثير من أية امرأة أخرى .

ماذا عن تجربتك الشعرية الجديدة؟
أعتقد أنها مختلفة نوعاً ما عن ما كتبته سابقاً من نصوص، تخففت من التراكيب والصور والمجازات اللغوية، بتُ أبحث عن لغة أستطيع من خلالها أن أعبر الماء حافية، لا أريد لقارئي أن يفتح قاموساً لغوياً ليحس بالنص، لا أريد للمجاز اللغوي أن يقيد لغتي وأن يتحولَ لعبء، أريد لغة كالماء صافية، نقية ،ولا تخدش، وإذا استدعى الأمر فلتغرق النص وكاتبه على ألا تتحول لخدش وعبء لا أستطيع المرور عليه بعد سنوات، وهي الآن مجموعة نصوص لابد أن ترى الضوء قريباً.

24 - " أحمد على عكة ":

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات