السبت 20 ابريل 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

دراسة للنص ..في زمن آخر للشاعرة /فوزية أوزدمير

  • 01:05 AM

  • 2019-01-09

 الاستاذ الناقد فتحي حمزاوي:
 
لا أدري كيف أمدّ يديّ إلى هذه الخميلة المتروكة تحت ظلّ من ظلال الوجود، ولا أدري إن أنا أشعلتُ عودَ ثقاب تحتها ماذا يمكن أن يحصل؟ لا أدري ولكني سأغامر... فأنجع وسيلة لفضّ بكارات النصوص عند المتلقي هو أن يغامر...
من المؤكد أن نصوص الشاعرة أوزدمير كما عوّدتنا متعدّدة الأبواب، وكل باب أمامه حرّاس وعسس يراقبون المعنى المندسّ المخفي في الغرفة السرية من القصيد أو في صندوقه الأسود.
في مخاتلة أولى أرتأيت أن أعبر من بابيْ المكان والزمان.
" في زمن آخر" "أحببتُ مكانا واحدا"/" يغرقني المكان ويتركني غارقة". الزمان والمكان قيمتان رمزيتان وقوتان وجوديتان ذهنيتان تجريديتان يسري كلٌّ منهما في الذات ويسيل فنصنع من لُعابهما عوالم شخصية حميمية قد نترجمها في الحلم وقد نشكّلها باللغة وفي كلّ الحالات نصنع فيها الموت بتجريب الانتحار المجرّد... فيها نصنع القصر والقبر ونموت مرّات ونحيا مرّات.
وفي المكان والزمان الأزدموريين تصنع الشاعرة قصّة عشق بلون الخوف صامتة متكتّمة على أثاثها وأثافيها لأنها شبيهة بالخيمة المؤثثة من دموع زجاجية مليئة بالدّم العاطفي الذي سال دون جرح.
وبخلاف الآخرين وبخلاف ترتيباتهم للوجود. تقدّ الشاعرة زمنا موازيا يخصّ عالمها الذاتي (في زمن آخر)، تضع حجراته من الرغبة والرهبة ليسكن فيه المسكوت عنه الذي هرّبته من الواقع إلى اللغة.
بخلاف الآخرين الين يبنون الأعشاش ليقيموا فيها تبني الشاعرة أعواد موتها المتوقّع لأنّها تعرف أنّ البقاء بين الرغبة والخوف هو تجسيد لمعنى الانتحار استعدادا للموت. " أحببتُ/لا أدري هل أحببتُ" إنها تؤثث المكان بالأسئلة وتجعل من قصة الحب مسألة وجودية، وقد ألفنا كيف تحوّلُ الشاعرة في نصوصها المختلفة مشاغلها الواقعية الى مشاغل ذهنية وجودية. حتّى في أكثر المواضيع احتراقا كتيمة الحبّ. حيثُ تتحوّل القصة الغزلية إلى سؤال وجودي إشكالي.
في هذا المكان الذي أغرقها تنبتُ الشاعرة شجرة صنوبر تتظلّل بها وتخافها في نفس الوقت، تحتمي بها من ظلّها. وهذه الشجرة نفسها تجعل من القصة الغزلية أسطورة فتذهب بعيدا في قِدمِ التاريخ بحثا عن سرّ يقظة الصنوبر من بين أنواع الشجر، عن سرّ بقائه حيّا رغم التغيّرات الطبيعية في الكون والتغيّرات النفسية في الآخر.
كانت وحدها مبلّلة بالماء عندما خرج الجميع من المحيط اللاهادي للشّعور وعندما كانت تبحث عن سر القلق الذي تلبّسها وهي في زمنها الآخر وفي مكانها الذي أغرقها غير بعيد عن الصّنوبر
كل شيئ كان جافّا، وعتْ ذلك تمام الوعي وبين الجفاف والماء ينشأ الميلاد الجديد وسط حالة الانتحار الإرادي عبر الشعر واللغة.
كغلالة القزحية المتوحشة تصنع قصتها العاطفية بلون الماء وبطعم الجفاف، ميلاد غير مكتمل لرواية شعورية قسرية عسيرة كمخاض العالم تماما. تجتهد لتجعل اللغة بانية لزمن آخر ولمكان غارق مغرق... وتجتهد لتتجاهل الميلاد الجديد رغم فرحتها المترنّحة... تظلّ تسير وفق معايير اللغة والثقافة فإذا البنيان يقوم ويتهدّم لأنّ معاوله وأدواته شعورية قبل أن تصبح فلسفية...
القصيدة مساحة سردية مؤلمة رائعة في آن، تسمّي وتخلق وتقتل معا، القصيدة أيضا حالة شعورية عسيرة خارج المكان والزمان الموضوعيين. وخارج المعتاد والمألوف. في حالة لصناعة العالم الشخصي قاتلا أو محييا.
هذا دأبها حين تحمل قلمها لتشرع في التطريز والخلق والإحياء والقتل، تلك بعض سمات شخصية الشاعرة فوزية أوزدمير،
لأجل ذلك نجلّ شعرها ونجلّها.
دمتِ مبدعة أيتها الشاعرة الراقية
 
في زمنٍ آخر
 
 
فوزية أوزدمير:
 
 
 
عالمٌ كنتُ فيه غير مُكتملة
مأخوذة بالصمت
يمارس المسكوت عنه تأثيراً عميقاً
شيء واحد كرهته فيّ دوماً
أكره أني لم أرفض وجودي ..
من مركز السُرَّة
حين تدفقت نافورة عظيمة ، زرقاء
ظلال على مياه البحر اللازورديّ
في غياب الربّ المُحبّ
أيقونة عشق سرمدية
من الجوع والاشتهاء
تماماً كما يؤوب الموتى
حين خزنتُ قلبي المُترّمل طيلة هذه السنين
تقضمني الحياة بثغورها الصغيرة ،
وأوزة الشتاء تنبح في السماء ،
والوريقات تطير من الأشجار كالعصافير
ما اللاشيء الذي كُنته .. ؟
لكي أتغير بهذه السرعة
إلى صورة وعطر .. ؟
كغلالة القزحيّة المتوحشة تطرح هواجسي الكثيرة ..
فأتأمّل ترقرق الماء عليّ
كم هو مسكر هذا الوجود .. ؟
كم هو مفعم بالأشياء التي لا تعود ليّ .. ؟
لا أريد أنْ أنام تحت شجيرة الصنوبر
خشية أن يدمر وجهي
بالكثير من الإبر السّا قطة .. !
أكذب إذا قلتُ أنّني لا أعرف الخوف
حاولتً ، طوال عمري ، أنْ أميز
بين الرغبة والحاجة ..
هكذا ..
كنتُ بالغة الحمق أو بالغة الغباء
كلّ شيء كان جافاً ..
في حين كنتُ أنا وحدي مُبلّلة بالماء
حتى الجلد
أحببتُ مكاناً واحداً
لا أدري هل أحببت .. ؟
يغرقني المكان ويتركني غارقة
الغرق الجميل
أوليس الحبّ كالخوف بلا صوت .. ؟
من يستطيع إذن أن يفهم القلق المُلتبس الذي يرّج قلبي رغماً عني .. ؟
وها أنا أرسم القلب في الفراغ الذي صنعته .. !!!!!!!

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات