القاهرة - " ريال ميديا ":
الناقد د. سلمان كاصد :
"من المتعارف عليه أن صدمة القصيدة تتجلى في خاتمتها كونها فعلا مدهشا مسبوقا بمقدمات ، حينها تبدأ تجليات المتلقي حال الانتهاء من معنى النص في القصيدة إلى خلق معنى آخر يبدأ بالتخلق في ذهنه ليكمل القصيدة التي انتهى منها بالتصورات التي يخلقها .
الشاعرة نجاح إبراهيم تقلب هذه المعادلة الكلاسيكية حين تقدم صدمة القصيدة في استهلالها وخاصة في ( هل خاب ظني) ، وهي بذلك تعيد صياغة التساؤل في (هل) الذي لا يقين فيه ، وكان عليها بذلك أن تلجأ إلى الحجاجية في تأكيد خيبة الظن التي لاحجة تدعمها ،لذا لجأت الشاعرة للتساؤلات منذ السطر الأول للقصيدة التي تشكلت بين (هل) و(ظننت) حيث يتأرجح اليقين ، اذ الظن جزء من الحجاج الفلسفي و العقلي بخاصة ، وعليه صارت الشاعرة تقتنص التوصيفات (لنلحظ كثرة التوصيفات التي بلغت سبعا) وهي :
1 - المدن والعراصم تنام كغزالة تحت جناح الساردة استعارة موروثية وتناصية مع الف ليلة وليلة
2-المسافات التي كانت تظنها تشرق من صبح الساردة
3- العصافير الملونة تلوذ بقميص الساردة
4- الحقول ..الرمح المخضب بدم الساردة
غير أن كل هذه الظنون تتبدد عندما تصل الساردة إلى أن حناء الأعراس بين الشام والرافدين (ترفو من الرفاء / الخياطة التي يمارس القدر فيها سلطته فيرفو ما تمزق بينهما لحظة الظن ) .
أي جرح او ظن ساور ذهن الساردة التي مزقها شكها اللا يقيني ،لتؤكد عدم قدرة هذه الساردة في صدق ظنها لانه ظن لا غير ،وهي بذلك أرادت أن تشكل نسقا دائريا في القصيدة عندما أعادت تسا ؤلاتها الأولى في الاستهلال إلى خاتمتها.
هذه قصيدة طغى فيها المعنى وتسيد ثم أتى الشكل لتقدم فيه الشاعرة نقلة للمعنى في نسق دائري أرادت من خلاله أن تبني وحدة موضوعاتية عبر التساؤل في البدء واليقين في الخاتمة ، ذلك اليقين الجارح الذي تمنت الشاعرة ألا تكون نهايته صادمة لمن وجهت له الساردة الخطاب .
انه فعل درامي لخلق نص سردي مكثف عبر القسوة على الآخر ، وعبر احتراق الساردة التي لم تصل حتما إلى الحقيقة عبر الظن .
تلك هي القصيدة التي انشغل بها الكثيرون والتي لن يلتقي فيها الحجاج مع اليقين لانها بنيت على الظن الذي يحمل شكا.".
ظننتُ أنّ المُدنَ والعواصمَ
تنامُ كغزالةٍ أتعبَها الفَرحُ
وعصافيرَ الفَجرِ الملوّنة
لن يُخَضّبَ بالوَجعِ حين يستعيرُ
وأنَّ الغناءَ يحلو، ويحلو
تفجّر أعراسَ بلادِ الشّامِ
أعترفُ أمامَ مقصلةِ الرّوحِ